القول في تأويل قوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي.
يعني بذلك جل ثناؤه: فإن أحصرتم أيها المؤمنون، فما استيسر من الهدي، فإذا أمنتم فزال عنكم خوفكم من عدوكم أو هلاككم من مرضكم فتمتعتم بعمرتكم إلى حجكم، فعليكم ما استيسر من الهدي.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة التمتع الذي عنى الله بهذه الآية، فقال بعضهم: هو أن يحصره خوف العدو، وهو محرم بالحج أو مرض أو عائق، من العلل حتى يفوته الحج، فيقدم مكة، فيخرج من إحرامه بعمل عمرة، ثم يحل فيستمتع بإحلاله من إحرامه ذلك إلى السنة المستقبلة، ثم يحج ويهدي، فيكون متمتعا بالاحلال من لدن يحل من إحرامه الأول إلى إحرامه الثاني من القابل. ذكر من قال ذلك:
2760 - حدثنا عمران بن موسى البصري، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا إسحاق بن سويد، قال: سمعت ابن الزبير وهو يخطب، وهو يقول: يا أيها الناس، والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون، إنما التمتع أن يهل الرجل بالحج فيحصره عدو أو مرض أو كسر أو يحبسه أمر حتى تذهب أيام الحج فيقدم فيجعلها عمرة، فيتمتع بحله إلى العام القابل ثم يحج ويهدي هديا، فهذا التمتع بالعمرة إلى الحج.
2761 - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء قال: كان ابن الزبير يقول: المتعة لمن أحصر. قال: وقال ابن عباس: هي لمن أحصر ومن خليت سبيله.
2762 - حدثني ابن البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، قال: أخبرني ابن جريج قال قال عطاء: كان ابن الزبير يقول: إنما المتعة للحصر وليست لمن خلي سبيله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فإن أحصرتم في حجكم فما استيسر من الهدي، فإذا أمنتم وقد حللتم من إحرامكم ولم تقضوا عمرة تخرجون بها من إحرامكم بحجكم ولكن حللتم حين أحصرتم بالهدي وأخرتم العمرة إلى السنة القابلة فاعتمرتم في أشهر الحج ثم حللتم فاستمتعتم بإحلالكم إلى حجكم، فعليكم ما استيسر من الهدي. ذكر من قال ذلك:
2763 - حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم عن علقمة: فإن أحصرتم قال: إذا أهل الرجل بالحج فأحصر.