وإنما قلنا: له صوم أيام التشريق، لما ذكرنا من العلة لقائل ذلك قبل، فإن صامها قبل إحرامه بالحج فإنه غير مجزئ صومه ذلك من الواجب عليه من الصوم الذي فرضه الله عليه لمتعته وذلك أن الله عز وجل إنما أوجب الصوم على من لم يجد هديا ممن استمتع بعمرته إلى حجه، فالمعتمر قبل إحلاله من عمرته وقبل دخوله في حجه غير مستحق اسم متمتع بعمرته إلى حجه، وإنما يقال له قبل إحرامه معتمر حتى يدخل بعد إحلاله في الحج قبل شخوصه عن مكة، فإذا دخل في الحج محرما به بعد قضاء عمرته في أشهر الحج ومقامه بمكة بعد قضاء عمرته حلالا حتى حج من عامه سمي متمتعا. فإذا استحق اسم متمتع لزمه الهدي، وحينئذ يكون له الصوم بعدمه الهدي إن عدمه فلم يجده. فأما إن صامه قبل دخوله في الحج وإن كان من نيته الحج، فإنما هو رجل صام صوما ينوي به قضاء عما عسى أن يلزمه أو لا يلزمه، فسبيله سبيل رجل معسر صام ثلاثة أيام ينوي بصومهن كفارة يمين ليمين يريد أن يحلف بها ويحنث فيها، وذلك ما لا خلاف بين الجميع أنه غير مجزئ من كفارة إن حلف بها بعد الصوم فحنث.
فإن ظن ظان أن صوم المعتمر بعد إحلاله من عمرته أو قبله وقبل دخوله في الحج مجزئ عنه من الصوم الذي أوجبه الله عليه إن تمتع بعمرته إلى الحج، نظير ما أجزأ الحالف بيمين إذا كفر عنها قبل حنثه فيها بعد حلفه بها فقد ظن خطأ لان الله جعل ثناؤه جعل لليمين تحليلا هو غير تكفير، فالفاعل فيها قبل الحنث فيها ما يفعله المكفر بعد حنثه فيها محلل غير مكفر. والمتمتع إذا صام قبل تمتعه صائم، تكفيرا لما يظن أنه يلزمه ولما يلزمه، وهو كالمكفر عن قتل صيد يريد قتله وهو محرم قبل قتله، وعن تطيب قبل تطيبه.
ومن أبى ما قلنا في ذلك ممن زعم أن للمعتمر الصوم قبل إحرامه بالحج، قيل له: ما قلت فيمن كفر من المحرمين عن الواجب على من ترك رمي الجمرات أيام منى يوم عرفة، وهو ينوي ترك الجمرات، ثم أقام بمنى أيام منى حتى انقضت تاركا رمي الجمرات، هل يجزيه تكفيره ذلك عن الواجب عليه في ترك ما ترك من ذلك؟ فإن زعم أن ذلك يجزيه، سئل عن مثل ذلك في جميع مناسك الحج التي أوجب الله في تضييعه على المحرم أو في فعله كفارة، فإن سوى بين جميع ذلك فاد قوله، وسئل عن نظير ذلك في العازم على أن يجامع في شهر رمضان، وهو مقيم صحيح إذا كفر قبل دخول الشهر، ودخل الشهر ففعل ما كان عازما عليه هل تجزيه كفارته التي كفر عن الواجب من وطئه ذلك، وكذلك يسئل عمن أراد أن