ومقاصة فقتل القاتل بالذي قتله قصاص، لأنه مفعول به مثل الذي فعل بمن قتله، وإن كان أحد الفعلين عدوانا والآخر حقا، فهما وإن اختلفا من هذا الوجه، فهما متفقان في أن كل واحد قد فعل بصاحبه مثل الذي فعل صاحبه به، وجعل فعل ولي القتيل الأول إذا قتل قاتل وليه قصاصا، إذ كان بسبب قتله استحق قتل من قتله، فكأن وليه المقتول هو الذي ولى قتل قاتله فاقتص منه.
وأما القتلى، فإنها جمع قتيل، كما الصرعى جمع صريع، والجرحى جمع جريح.
وإنما يجمع الفعيل على الفعلي، إذا كان صفة للموصوف به بمعنى الزمانة والضرر الذي لا يقدر معه صاحبه على البراح من موضعه ومصرعه، نحو القتلى في معاركهم، والصرعى في مواضعهم، والجرحى وما أشبه ذلك.
فتأويل الكلام إذن: فرض عليكم أيها المؤمنون القصاص في القتلى أن يقتص الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى. ثم ترك ذكر أن يقتص اكتفاء بدلالة قوله: كتب عليكم القصاص عليه.
القول في تأويل قوله تعالى: فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: فمن ترك له من القتل ظلما من الواجب كان لأخيه عليه من القصاص، وهو الشئ الذي قال الله: فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع من العافي للقاتل بالواجب له قبله من الدية، وأداء من المعفو عنه ذلك إليه بإحسان. ذكر من قال ذلك:
2120 - حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي، قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن مجاهد، عن ابن عباس: فمن عفي له من أخيه شئ فالعفو أن يقبل الدية في العمد، واتباع بالمعروف أن يطلب هذا بمعروف ويؤدي هذا بإحسان.
* - حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أنه قال في قوله: فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان فقال: هو العمد يرضى أهله بالدية واتباع بالمعروف أمر به الطالب وأداء إليه باحسان من المطلوب.
* - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان، قال: ثنا أبي، وحدثني المثنى،