والمعنى: كما كان الرجم فريضة الزنا، فجعل الزنا فريضة الرجم لوضوح معنى الكلام عند سامعه. وكما قال الآخر:
إن سراجا لكريم مفخره * تحلى به العين إذا ما تجهره والمعنى: يحلى بالعين فجعله تحلى بالعين. ونظائر ذلك من كلام العرب أكثر من أن يحصى مما توجهه العرب من خبر ما تخبر عنه إلى ما صاحبه لظهور معنى ذلك عند سامعه، فتقول: أعرض الحوض على الناقة، وإنما تعرض الناقة على الحوض، وما أشبه ذلك من كلامها.
وقال آخرون: معنى ذلك: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم وأوثانهم التي لا تسمع ولا تعقل، كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء، وذلك الصدى الذي يسمع صوته، ولا يفهم به عنه الناعق شيئا.
فتأويل الكلام على قول قائلي ذلك: ومثل الذين كفروا وآلهتهم في دعائهم إياها وهي لا تفقه ولا تعقل كمثل الناعق بما لا يسمعه الناعق إلا دعاء ونداء، أي لا يسمع منه الناعق إلا دعاءه. ذكر من قال ذلك:
2036 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء قال: الرجل الذي يصيح في جوف الجبال فيجيبه فيها صوت يراجعه يقال له الصدى، فمثل آلهة هؤلاء لهم كمثل الذي يجيبه بهذا الصوت لا ينفعه لا يسمع إلا دعاء ونداء. قال: والعرب تسمي ذلك الصدى.
وقد تحتمل الآية على هذا التأويل وجها آخر غير ذلك، وهو أن يكون معناها: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتهم التي لا تفقه دعاءهم كمثل الناعق بغنم له من حيث لا تسمع صوته غنمه فلا تنتفع من نعقه بشئ غير أنه في عناء من دعاء ونداء، فكذلك الكافر في دعائه آلهته إنما هو في عناء من دعائه إياها وندائه لها، ولا ينفعه شئ.