القول في تأويل قوله تعالى: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه).
يعني تعالى ذكره: (فمن اضطر) فمن حلت به ضرورة مجاعة إلى ما حرمت عليكم من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله، وهو بالصفة التي وصفنا، فلا إثم عليه في أكله إن أكله. وقوله: (فمن اضطر) افتعل من الضرورة، " وغير باغ " نصب على الحال من " من "، فكأنه قيل: فمن اضطر لا باغيا ولا عاديا فأكله، فهو له حلال.
وقد قيل: إن معنى قول: (فمن اضطر) فمن أكره على أكله فأكله، فلا إثم عليه.
ذكر من قال ذلك:
2051 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا إسرائيل، عن سالم الأفطس، عن مجاهد قوله: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) قال:
الرجل يأخذه العدو فيدعونه إلى معصية الله.
وأما قوله: (غير باغ ولا عاد) فإن أهل التأويل في تأويل مختلفون، فقال بعضهم:
يعني بقوله: (غير باغ) غير خارج على الأئمة بسيفه باغيا عليهم بغير جور، ولا عاديا عليهم بحرب وعدوان فمفسد عليهم السبيل، ذكر من قال ذلك:
2052 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثا عن مجاهد:
(فمن اضطر غير باغ ولا عاد) قال: غير قاطع سبيل، ولا مفارق جماعة، ولا خارج في معصية الله، فله الرخصة.
* - حدثني المثني، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن نجيح، عن مجاهد: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) يقول: لا قاطعا للسبيل، ولا مفارقا للأئمة، ولا خارجا في معصية الله، فله الرخصة. ومن خرج باغيا أو عاديا في معصية الله، فلا رخصة له وإن اضطر إليه.
2053 - حدثنا هناد بن السري، قال: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: (غير باغ ولا عاد) قال: هو الذي يقطع الطريق، فليس له رخصة إذا جاع أن يأكل الميتة وإذا عطش أن يشرب الخمر.
* - حدثني المثني، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن شريك، عن سالم: يعني الأفطس، عن سعيد في قوله: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) قال الباغي العادي: الذي يقطع الطريق فلا رخصة له ولا كرامة.