ما أصبرك، ما الذي فعل بك هذا؟
2074 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فما أصبرهم على النار قال: هذا استفهام، يقول: ما هذا الذي صبرهم على النار حتى جرأهم فعملوا بهذا؟
وقال آخرون: هو تعجب، يعني: فما أشد جرأتهم على النار بعملهم أعمال أهل النار ذكر من قال ذلك:
2075 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا أبي، عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: فما أصبرهم على النار قال: ما أعملهم بأعمال أهل النار. وهو قول الحسن وقتادة، وقد ذكرناه قبل.
فمن قال هو تعجب، وجه تأويل الكلام إلى: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذب بالمغفرة فما أشد جرأتهم بفعلهم ما فعلوا من ذلك على ما يوجب لهم النار، كما قال تعالى ذكره: قتل الانسان ما أكفره تعجبا من كفره بالذي خلقه وسوى خلقه.
فأما الذين وجهوا تأويله إلى الاستفهام فمعناه: هؤلاء الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار والنار لا صبر عليها لاحد حتى استبدلوها بمغفرة الله فاعتاضوها منها بدلا؟.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: ما أجرأهم على النار، بمعنى: ما أجرأهم على عذاب النار، وأعملهم بأعمال أهلها وذلك أنه مسموع من العرب: ما أصبر فلانا على الله، بمعنى: ما أجرأ فلانا على الله وإنما يعجب الله خلقه بإظهار الخبر عن القوم الذين يكتمون ما أنزل الله تبارك وتعالى من أمر محمد (ص) ونبوته، واشترائهم بكتمان ذلك ثمنا قليلا من السحت والرشا التي أعطوها على وجه التعجب من تقدمهم على ذلك مع علمهم بأن ذلك موجب لهم سخط الله وأليم عقابه.
وإنما معنى ذلك: فما أجرأهم على عذاب النار ولكن اجتزئ بذكر النار من ذكر عذابها كما يقال: ما أشبه سخاءك بحاتم، بمعنى: ما أشبه سخاءك بسخاء حاتم، وما أشبه شجاعتك بعنترة. القول في تأويل قوله تعالى: