كما يوجد احتمال آخر أيضا وهو أن المقصود بالآية أن حكم الله إذا جاء فعليك أن تستسلم لأمره تعالى وتصبر، لأنه سبحانه قد حكم بذلك (1).
إلا أن التفسير الأول أنسب.
ثم يضيف تعالى: ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم:
والمقصود من هذا النداء هو ما ورد في قوله تعالى: فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (2).
وبذلك فقد إعترف النبي يونس (عليه السلام) بترك الأولى، وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى. كما يحتمل أن يكون المقصود من هذا النداء هو اللعنة التي أطلقها على قومه في ساعة غضبه. إلا أن المفسرين اختاروا التفسير الأول لأن التعبير ب " نادى " في هذه الآية يتناسب مع ما ورد في الآية (87) من سورة الأنبياء، حيث من المسلم انه نادى ربه عندما كان (عليه السلام) في بطن الحوت.
" مكظوم " من مادة (كظم) على وزن (هضم) بمعنى الحلقوم، و (كظم السقاء) بمعنى سد فوهة القربة بعد امتلائها، ولهذا السبب يقال للأشخاص الذين يخفون غضبهم وألمهم ويسيطرون على انفعالاتهم ويكظمون غيظهم... بأنهم: كاظمون، والمفرد: كاظم، ولهذا السبب يستعمل هذا المصطلح أيضا بمعنى (الحبس).
وبناء على ما تقدم فيمكن أن يكون للمكظوم معنيان في الآية أعلاه: المملوء غضبا وحزنا، أو المحبوس في بطن الحوت، والمعنى الأول أنسب، كما ذكرنا.
ويضيف سبحانه في الآية اللاحقة: لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم (3).