معتبرين الأمر مختصا بهم، وغافلين عن مشيئة الله، ولذا لم يقولوا: (إن شاء الله).
إلا أن الرأي الأول أصح (1).
ثم يضيف تعالى استمرارا لهذا الحديث: فطاف عليهم طائف من ربك وهم نائمون.
لقد سلط الله عليها نارا حارقة، وصاعقة مهلكة، بحيث أن جنتهم صارت متفحمة سوداء فأصبحت كالصريم، ولم يبق منها شئ سوى الرماد.
" طائف " من مادة (طواف)، وهي في الأصل بمعنى الشخص الذي يدور حول شئ معين، كما تستعمل أحيانا كناية عن البلاء والمصيبة التي تحل في الليل، وهذا المعنى هو المقصود هنا.
" صريم " من مادة (صرم) بمعنى (القطع) وهنا بمعنى (الليل المظلم) أو (الشجر بدون الثمار) أو (الرماد الأسود) لأن الليل يقطع عند مجئ النهار، كما أن النهار يقطع عند مجئ الليل، ولذا يقال أحيانا لليل والنهار (صريمان)، والمقصود بذلك هو: البلاء السماوي الذي تمثل بصاعقة عظيمة - فيما يبدو - أحالت البستان إلى فحم ورماد أسود، وهكذا فعل الصواعق غالبا.
وعلى كل حال فإن أصحاب البستان بقوا على تصورهم لأشجار جنتهم المملوءة بالثمر، جاهزة للقطف: فتنادوا مصبحين (2).
وقالوا: أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين.
" (أغدوا " من مادة (غدوة) بمعنى بداية اليوم، ولذا يقال للغذاء الذي يؤكل في أول اليوم - وجبة الإفطار - غداء، بالرغم من أن (غداء) تقال في التعابير