3 2 - المداهنة والصلح إن من جملة الخصائص التي يتميز بها تجار السياسة، والأشخاص والمجاميع غير الرسالية، أنهم يتلونون ويتصرفون بالشكل الذي يتماشى مع مصالحهم، فلا ضوابط ولا ثوابت تحكمهم، بل هم على استعداد دائم للتنازل عن كثير من الشعارات المدعاة من جانبهم، مقابل تحقيق بعض المكاسب أو الحصول على بعض الامتيازات. أما متبنياتهم المدعاة فلا تشكل شيئا مقدسا بالنسبة إليهم، ويحورونها بما تقتضيه مصالحهم، وهذا المفهوم هو ما تشير إليه الآية الكريمة حيث يقول تعالى: ودوا لو تدهن فيدهنون.
أما أهل المبادئ والالتزام فإنهم لا يضحون بأهدافهم المقدسة مطلقا ولا يساومون عليها أو يداهنون أبدا، ولن يتخلوا عن متبنياتهم ويقوموا بعمل أو صلح على خلاف ما تمليه عليهم مبادئهم العقائدية، خلافا لما عليه تجار السياسة..
إن هذا المقياس من أفضل الدلائل لتشخيص السياسيين المنحرفين عن غيرهم من المبدئيين، والأشخاص الذين يسايرون هؤلاء المنحرفين لا شك أنهم بعيدون عن طريق الله وأوليائه.
* * *