وهذا التعبير كاشف ومعبر عن سوء النهاية المذلة لهؤلاء، إذ جاء التعبير أولا بالخرطوم الذي يستعمل للفيل وللخنزير فقط، وهو دلالة واضحة في تحقيرهم.
وثانيا: أن الأنف في لغة العرب غالبا ما يستعمل كناية عن العزة والعظمة، كما يقال للفارس حين إذلاله: مرغوا أنفه بالتراب، كناية عن زوال عزته.
وثالثا: أن وضع العلامة تكون عادة للحيوانات فقط، بل حتى بالنسبة إلى الحيوانات فإنها لا تعلم في وجوهها - خصوصا أنوفها - أضف إلى ذلك أن الإسلام قد نهى عن مثل هذا العمل.
ومع كل ما تقدم تأتي الآية الكريمة ببيان معبر واف وواضح أن الله تعالى سيذل هؤلاء الطغاة الذين امتلؤا عجبا بذواتهم، المتمادين في عنادهم وإصرارهم على الباطل، وتجاوزهم على الرسول والرسالة.. سيذلهم بتلك الصورة التي تحدثت عنها الآية ويفضحهم على رؤوس الأشهاد ليكونوا موضع عبرة للجميع.
إن التاريخ الإسلامي ينقل لنا كثيرا من صور الإذلال والامتهان لأمثال هذه المجموعة المخالفة للحق المعاندة في ضلالها، المكابرة في تمسكها بالباطل، بالرغم من تقدم الرسالة الإسلامية وقوتها وانتصاراتها، كما أن فضيحتهم في الآخرة ستكون أدهى وأمر.
قال بعض المفسرين: إن أكثر آيات هذه السورة كان يقصد بها (الوليد بن المغيرة) أحد رموز الشرك الذي واجه الإسلام وتعرض لرسوله الأمين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن من المسلم به أن هذا القصد، لا يمنع من تصميم وتوسعة مفهوم الآيات الكريمة وشموليته (1).