وكبرهم على فقراء زمانهم.
ويبدو أنها قصة معروفة في ذلك الزمان بين الناس، ولهذا السبب استشهد بها القرآن الكريم.
يقول في البداية: إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة.
لقد تعددت الروايات في مكان هذه الجنة، فقيل: إنها في أرض اليمن بالقرب من صنعاء، وقيل: هي في الحبشة، وهناك قول بأنها في أرض الشام، وذهب آخرون إلى أنها في الطائف.. إلا أن المشهور أنها كانت في أرض اليمن.
وموضوع القصة هو: أن شيخا مؤمنا طاعنا في السن كان له بستان عامر، يأخذ من ثمره كفايته ويوزع ما فضل من ثمرته للفقراء والمعوزين، وقد ورثه أولاده بعد وفاته، وقالوا: نحن أحق بحصاد ثمار هذا البستان، لأن لنا عيالا وأولادا كثيرين، ولا طاقة لنا بإتباع نفس الأسلوب الذي كان أبونا عليه.. ولهذا فقد صمموا على أن يستأثروا بثمار البستان جميعا، ويحرموا المحتاجين من أي عطاء منها، فكانت عاقبتهم كما تحدثنا الآيات الكريمة عنه..
يقول تعالى: إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين (1).
ولا يستثنون أي لا يتركون منها شيئا للمحتاجين.
وعند التدقيق في قرارهم هذا يتضح لنا أن تصميمهم هذا لم يكن بلحاظ الحاجة أو الفاقة، بل إنه ناشئ عن البخل وضعف الإيمان، واهتزاز الثقة بالله سبحانه، لأن الإنسان مهما اشتدت حاجته، فإنه يستطيع أن يترك للفقراء شيئا مما أعطاه الله.
وقيل: إن المقصود من عدم الاستثناء هو عدم قولهم (إن يشاء الله) حيث كان الغرور مسيطرا عليهم، مما حدا بهم إلى أن يقولوا: غدا سنذهب ونفعل ذلك،