ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى وقال: هذه إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن (1) وطينته على سنخ الكافر وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد خرج فيه، لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكباير، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة و الصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال: انا الله عدل لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط (2) ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى أصلها، فاني انا الله لا اله الا انا عالم السر واخفى وانا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا الزم أحدا الا ما عرفته منه قبل ان اخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام يا إبراهيم اقرأ هذه الآية، قلت: يا بن رسول الله أية آية؟ قال: قوله تعالى: قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا إذا لظالمون وهو في الظاهر ما تفهمونه، هو والله في الباطن هذا بعينه، يا إبراهيم ان للقرآن ظاهرا وباطنا و محكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (3)