أخرجناه بدليل، وهو اجماع الأمة على أن من بدأ من المرافق كان وضوؤه صحيحا، وإذا جعلت غاية ففيه الخلاف.
واختلف أهل التأويل في ذلك:
فقال مالك بن انس: يجب غسل اليدين إلى المرفقين ولا يجب غسل المرفق، وهو قول زفر.
وقال الشافعي: لا أعلم خلافا في أن المرافق يجب غسلها.
وقال الطبري: غسل المرفقين وما فوقهما مندوب إليه غير واجب. وقد اعتذر له بأن معنى كلامه أن وجوب ذلك يعلم من السنة لا من الآية.
وانما اعتبرنا غسل المرافق لاجماع الأمة على أن من غسلهما صحت صلاته ومن لم يغسلهما ففيه الخلاف (1).
وقيل: الآية مجملة فالواجب الرجوع إلى البيان، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله غسلهما فيما حكاه كبار الصحابة في صفة وضوئه، فصار فعله بيانا للآية، كما أن قوله كذلك.
وليس لاحد أن يقول: ان ظاهر قوله (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) يوجب ان يكون المرفق غاية في الوضوء لا ان يكون مبدوءا به أو يغسل المرفق معها.
لأنا قد بينا بأن (إلى) بمعنى مع والغاية على سبيل الحقيقة، وقرينة اجماع الأمة أن غسل المرافق واجب، فلو كان إلى للغاية هنا لم يلزم غسل المرفق على مقتضى وضع اللغة، لان ما بعد إلى إذا كانت للغاية لا يدخل فيما قبلها والا فلا تكون غاية.