فان قيل: ظاهر القرآن يخالف مذهبكم، لأنه تعالى قال (فجزاء مثل ما قتل من النعم أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما) ولفظة (أو) يقتضي التخيير، ومذهبكم أن القاتل للصيد عليه الهدي، فإن لم يقدر عليه فالاطعام، فان عجز عنهما فالصيام.
فالجواب: قلنا ندع الظاهر للدلالة، كما تركنا ظاهر ايجاب الواو للجمع وحملناها على التخيير في قوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) ويكون كذا إذا لم يجد الأول] (١).
(فصل) ثم قال ﴿أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما﴾ (2).
وظاهره يقتضى تحريم الصيد في حال الاحرام وتحريم كل ما صاده غيره، وبه قال جماعة. وقال الحسن لحم الصيد لا يحرم على المحرم إذا صاده غيره. ومنهم من فرق ما بين صيد وهو محرم وبين ما صيد قبل احرامه. وعندنا لا فرق بينهما، فالكل محرم على المحرم.
والصيد يعبر به عن الاصطياد فيكون مصدرا، ويعبر به عن الصيد فيكون اسما صريحا. ويجب أن تحمل الآية على الامرين وتحريم الجميع.
بين الله تعالى ما يحل من الصيد وما لا يحل فقال (أحل لكم صيد البحر) أي أبيح لكم صيد الماء. وانما أحل بهذه الآية الطبري من صيد البحر لان العتيق لا خلاف في كونه حلالا - عن ابن عباس وجماعة.