وقوله (أو أشد ذكرا) بما لله عليكم من النعمة. وانما شبه الا وجب بما هو دونه في الوجوب لأنه خرج على حال لأهل الجاهلية معتادة ان يذكروا آباءهم بأبلغ الذكر. وقيل اذكروا الله كذكر الصبي لامه. والأول أظهر.
ثم بين أن من يسأل هناك فمنهم من يسأل نعيم الدنيا فقط لأنه غير مؤمن بالقيامة ومنهم من يقول ﴿ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة﴾ (١) عن الصادق عليه السلام: انها السعة في الرزق والمعاش، وحسن الخلق في الدنيا، ورضوان الله والجنة في الآخرة (٢).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: من أوتي قلبا شاكرا وزوجة صالحة تعينه على أمر دنياه وآخرته فقد أوتي في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة ووقي عذاب النار (٣).
(فصل) ثم قال تعالى ﴿واذكروا الله في أيام معدودات﴾ (4).
أمر من الله أن يذكروا الله في هذه الأيام، وهي أيام التشريق ثلاثة أيام بعد يوم النحر، والأيام المعلومات عشر ذي الحجة، وهو قول ابن عباس وجماعة. وقال الفراء: المعلومات أيام التشريق والمعدودات عشر ذي الحجة. [وفى النهاية نحوه على خلاف ما في كتبه الاخر] (5).
والصحيح أن المعدودات هي أيام التشريق لا غير. والدليل عليه قوله ههنا (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى)، والنفر الأول والنفر الثاني لا يكونان الا في أيام التشريق بلا خلاف.