حتى رؤي نواجذه وقال: يا بن حاتم انما ذلك بياض النهار وسواد الليل، فابتدئ الصوم من هذا الوقت (١).
وقد بين سبحانه الانتهاء أيضا بقوله (ثم أتموا الصيام إلى الليل) أي من وقت طلوع الفجر الثاني، وهو الفجر الصادق المستطير المعترض الذي يأخذ الأفق ويجب عنده الصلاة إلى وقت دخول الليل على ما حددناه.
(فصل) وقوله تعالى ﴿لتبلون في أموالكم وأنفسكم﴾ (٢).
قيل: معناه لتبلون بالعبادات في أنفسكم كالصلاة والصيام وغيرهما، وفي أموالكم من الزكوات والأخماس والانفاق في سبيل الله ليتميز المطيع من العاصي.
ويقال لشهر رمضان (شهر الصبر) لصبر صائمه عن الطعام والشراب نهارا وصبره إياهم عن المأكول والمشروب، أي كفه إياهم وحبسه لهم عن ذلك، قال تعالى ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة﴾ (3) أي بالصوم والصلاة. وهو خطاب لجميع من هو بشرائط التكليف، لفقد الدلالة على التخصيص، واقتضاء العموم لذلك. والصبر هو منع النفس عن محابها وكفها عن هواها، وكان النبي عليه السلام إذا أحزنه أمر استعان بالصبر والصلاة.
واعلم أن من تحرى الفجر فلم يره فتسحر ثم علم بعد ذلك أنه كان طالعا لم يكن عليه قضاء، بدلاله قوله (ما جعل عليكم في الدين من حرج) إذا كان الصوم فرضا كشهر رمضان، فأما إن كان قضاءا لشهر رمضان أو نافلة فلا يصح صوم ذلك اليوم.