عن ابن عباس قال: فان قيل قوله (وأقام الصلاة وآتى الزكاة) معطوف على قوله (وآتى المال على حبه ذوي القربى) فلم كرر وليس زيادة فائدة؟
قلنا: انما قال تعالى (وآتى الزكاة) وقد تضمن قوله (وآتى المال على حبه ذوي القربى) إيتاء الزكاة توكيدا لأمر الزكاة وتنبيها على أنها تالية للصلاة، فجمع بينهما في الذكر كما يجبان على حد واحد.
وقيل: انه قوله (وآتى المال على حبه ذوي القربى) ليس يتناول الزكاة المفروضة في هذه الآية، وانما يدل على وجوب الزكاة قوله (وآتى الزكاة)، وانما يدل قوله (وآتى المال على حبه) على الانفاق على أولئك إذا عرف منهم شدة الحاجة، ولا يخرجه ذلك من أن يكون واجبا كما يجب عليه النفقات في أهله وولده، ورتب الله هذا الترتيب لتقديم الأولى فالأولى.
(فصل) فان قيل: كيف قال الله ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ (1) والفقير لا تجب عليه الصدقة وان لم ينفق فإنه غير مخاطب به.
قلنا: الكلام خرج مخرج الحث على الصدقة الا أنه على ما يصح ويجوز من امكان النفقة، فهو مقيد في الجملة بذلك، الا انه أطلق الكلام به للمبالغة في الترغيب فيه. وقال الحسن: هو الزكاة الواجبة وما فرض الله في الأموال خاصة.
والأولى أن تحمل الآية على الخصوص، بأن نقول هي متوجهة إلى من يجب عليه اخراج شئ أوجبه الله عليه دون من لم تجب عليه، ويكون ذلك أيضا مشروطا بأن لا يعفو الله عنه. أو نقول: (لن تنالوا البر) الكامل الواقع على أشرف الوجوه (حتى تنفقوا مما تحبون).