وهذه الآية ناسخة لفرض التوجه إلى بيت المقدس قبل ذلك. وعن ابن عباس أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا شأن القبلة. وقال قتادة نسخت هذه الآية ما قبلها.
وهذا مما نسخ من السنة بالقرآن، لأنه ليس في القرآن ما يدل على تعبده بالتوجه إلى بيت المقدس ظاهرا.
ومن قال: انها نسخت قوله ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ (1). فنقول له: ليست هذه منسوخة، بل هي مختصة بالنوافل في حال السفر على ما نذكره بعد.
فأما من قال: يجب على الناس أن يتوجهوا إلى الميزاب الذي على الكعبة ويقصدوه. فقوله باطل على الاطلاق، لأنه خلاف ظاهر القرآن.
وقال ابن عباس: البيت كله قبلة، وقبلته بابه. وهذا يجوز، فأما أن يجب على جميع الخلق التوجه إليه فهو خلاف الاجماع.
(فصل) وقوله تعالى (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره). روي عن الباقر والصادق عليهما السلام ان ذلك في الفرض. وقوله (فأينما تولوا فثم وجه الله) قالا هو في النافلة 2.
وعن الباقر عليه السلام: لما حولت القبلة إلى الكعبة أتى رجل من عبد الأشهل من الأنصار وهم قيام يصلون الظهر قد صلوا ركعتين نحو بيت المقدس، فقال: ان الله قد صرف رسوله نحو البيت الحرام، فصرفوا وجوههم نحوه في بقية صلاتهم 3.
(وانه للحق من ربك) الهاء يعود إلى التحويل، وقيل التوجه إلى الكعبة لأنه قبلة إبراهيم وجميع الأنبياء.