قول من أوجبه، إذ ليس بعد امتثال الامر بالغسل أمر آخر، ودلك البدن أمر زائد على الغسل، وايجاب ما زاد على المأمور به لا يكون من جهة الشرع، الا أن يريد به احتياط المغتسل في ايصال الماء إلى أصل كل شعر من رأسه وبدنه.
(مسألة) فان قيل: مم اشتقاق الجنابة.
قلنا: من البعد (١)، فكأنه سمي به لتباعده عن المساجد إلى أن يغتسل، ولذلك قيل (أجنب).
وقال ابن عباس: الانسان لا يجنب والثوب لا يجنب. فإنه أراد به أن الانسان لا يجنب بمماسة الجنب، وكذا الثوب إذا لبسه الجنب.
(مسألة) الصعيد وجه الأرض ترابا كان أو غيره، وإن كان صخرا لا تراب عليه لو ضرب المتيمم يده عليه لكان ذلك طهوره، وهو مذهب أبي حنيفة أيضا.
فان قيل: فما يصنع بقوله في المائدة ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه﴾ (2) أي بعضه، وهذا لا يتأتى في الصخر الذي لا تراب عليه؟
قلنا: قالوا إن (من) لابتداء الغاية. على أنه لو كان للتبعيض لا يلزم ما ذكر لان التيمم بالتراب عند وجوده أولى منه بالصخر، وكون الغبرة على الكفين لا اعتبار بها.