أتيته. يقال: أتيت على خمسين سنة، وأتت عل خمسون سنة. وقيل: إن الموعود هو الجنة، والجنة مأتية، يأتيها المؤمنون * (لا يسمعون فيها لغوا) * أي: لا يسمعون في تلك الجنات القول الذي لا معنى له يستفاد، وهو اللغو. وقيل: قد يكون اللغو الهزل، وما يلغي من الكلام، مثل الفحش، والأباطيل * (إلا سلاما) * أي: إلا سلام الملائكة عليهم، وسلام بعضهم على بعض. قال الزجاج: السلام اسم جامع لكل خير، لأنه يتضمن السلامة أي: يسمعون ما يسلمهم * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) * قال المفسرون: ليس في الجنة شمس ولا قمر، فيكون لهم بكرة وعشيا.
والمراد: إنهم يؤتون برزقهم على ما يعرفونه من مقدار الغداء والعشاء. وقيل: كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أجبت به، وكانت تكره الوجبة، وهي الأكلة الواحدة في اليوم. فأخبر الله تعالى أن لهم في الجنة رزقهم بكرة وعشيا، على قدر ذلك الوقت، وليس ثم ليل، وإنما هو ضوء ونور، عن قتادة. وقيل: إنهم يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب، وإغلاق الأبواب، ومقدار النهار برفع الحجب، وفتح الأبواب.
* (تلك الجنة التي) * هي مذكورة في قوله * (فأولئك يدخلون الجنة) * التي * (نورث من عبادنا من كان تقيا) * أي: إنما نملك تلك الجنة من كان تقيا في دار الدنيا، بترك المعاصي، وفعل الطاعات. وإنما قال * (نورث) * مع أنه ليس بتمليك نقل من غيرهم إليهم، لأنه شبه بالميراث من جهة أنه تمليك بحال استؤنفت عن حال قد انقضت من أمر الدنيا، كما ينقضي حال الميت من أمر الدنيا، عن الجبائي.
وقيل: إنه تعالى أورثهم من الجنة المساكن والمنازل التي كانت لأهل النار لو أطاعوا الله تعالى، وأضاف العباد إلى نفسه، لأنه أراد المؤمنين.
* (وما نتنزل إلا بأمر ربك) * قال ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لجبرائيل: ما منعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا فنزل * (وما نتنزل إلا بأمر ربك) * الآية. أي: إذا أمرنا نزلنا عليك، وهو قول مجاهد، وقتادة، والضحاك. وقيل: إنه قول أهل الجنة: إنا لا نتنزل موضعا من الجنة إلا بأمر الله تعالى، عن أبي مسلم. * (له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك) * معناه: له ما بين أيدينا من أمر الآخرة، وما خلفنا أي: ما مضى من أمر الدنيا، وما بين ذلك أي: ما بين النفختين، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، والربيع. قال مقاتل: وما بين النفختين أربعون سنة. وقيل: معناه ابتداء