اللغة: العلي: العظيم العلو. والعلي: العظيم فيما يقدر به على الأمور، ومنه يوصف الله تعالى بأنه علي. والفرق بين العلي والرفيع: إن العلي قد يكون بمعنى الاقتدار، وبمعنى علو المكان. والرفيع: من رفع المكان لا غير. ولذلك لا يوصف الله تعالى بأنه رفيع. وأما رفيع الدرجات: فإنه وصف للدرجات بالرفعة، وبكي:
وزنه فعول، وهو جمع باك. ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى البكاء. والخلف بفتح اللام: يستعمل في الصالح، وبسكون اللام في الطالح. وقد يستعمل كل واحد في الآخر، قال لبيد:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب (1) الاعراب: * (سجدا وبكيا) * نصب على الحال، وتقديره خروا ساجدين وباكين:
قال الزجاج: وهي حال مقدرة المعنى، خروا مقدرين السجود، لأن الانسان في حال خروره، لا يكون ساجدا. * (إلا من تاب) *: في موضع نصب أي: فسوف يلقون العذاب إلا التائبين، فيكون الاستثناء متصلا. ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا من غير الأول، ويكون المعنى: لكن من تاب وآمن فأولئك يدخلون الجنة.
المعنى: ثم ذكر سبحانه حديث إدريس، فقال: * (واذكر) * يا محمد * (في الكتاب) * الذي هو القرآن * (إدريس) * وهو جد أب نوح عليه السلام، واسمه في التوراة أخنوخ. وقيل: إنه سمي إدريس لكثرة درسه الكتب، وهو أول من خط بالقلم، وكان خياطا، وأول من خاط الثياب. وقيل: إن الله تعالى علمه النجوم والحساب، وعلم الهيأة، وكان ذلك معجزة له * (إنه كان صديقا نبيا) * مر معناه * (ورفعناه مكانا عليا) * أي: عاليا رفيعا. وقيل: إنه رفع إلى السماء الرابعة، عن أنس، وأبي سعيد الخدري، وكعب، ومجاهد. وقيل: إلى السماء السادسة، عن ابن عباس، والضحاك قال مجاهد: رفع إدريس عليه السلام كما رفع عيسى عليه السلام، وهو حي لم يمت.
وقال آخرون: إنه قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة، وروي ذلك عن أبي جعفر. وقيل: إن معناه ورفعنا محله ومرتبته بالرسالة كقوله تعالى * (ورفعنا لك ذكرك) *، ولم يرد به رفعة المكان، عن الحسن، والجبائي، وأبي مسلم.