والذي، لا تقول فيه أيضا خذ الذي أفضل، حتى تقول خذ الذي هو أفضل. فلما خالفت الاختلاف، بنيت على الضم في الإضافة، والنصب حسن.
وإن كنت قد حذفت هو لأن هو قد يجوز حذفها. وقد قرئ تماما على الذي أحسن، على معنى الذي هو أحسن. قال أبو علي: ينبغي أن يكون مراد يونس بقوله: إن الفعل معلق، أنه معمل في موضع من كل شيعة، وليس يريد به أنه غير معمل في شئ البتة. بل يريد إنه معمل في موضع الجار والمجرور، لا لفظ التعليق، إنما يستعمل فيما يعمل في الموضع دون اللفظ. ولو أراد أنه لا عمل له في لفظ ولا موضع لقال ملغى. ولم يقل معلق. كما تقول في زيد ظننت منطلق، أنه ملغى. وإذا كان كذلك، كان قول الكسائي في الآية مثل قول يونس، لأن الكسائي قال: إن قوله * (لننزعن من كل شيعة) * كقولك: أكلت من طعام، فإن كان كذلك، كان * (أيهم) * منقطعا من هذه الجملة، وكانت جملة مستأنفة. فإن قال قائل: لم زعم سيبويه أنه إذا حذف العائد من الصلة، وجب البناء على الضم؟ فالجواب: إن الصلة تبين الموصول وتوضحه، كما أن المضاف إليه يبين المضاف ويخصصه. فكما أن المضاف إليه لما حذف بني المضاف، فكذلك لما حذف العائد من الصلة إلى الموصول هنا بني. فإن قال: ما ينكر أن لا يكون حذف المبتدأ العائد من الصلة عوض حذف المضاف إليه من المضافات، لأن المحذوف هنا بعض الجملة، وفي المضاف قد حذف المضاف كله؟ قيل: إن حذف العائد هنا نظير حذف المضاف إليه هناك. ألا ترى أن الذي يبين به الموصول، ويتضح، إنما هو الراجع الذي في الجملة، ولولا الراجع لم يبين. وإذا كان المبين له الراجع من الجملة، فالحذف منها كان بمنزلة حذف المضاف إليه من المضاف.
النزول: نزل قوله * (ويقول الانسان) * الآية، في أبي بن خلف الجمحي، وذلك أنه أخذ عظما باليا، فجعل يفته بيده، ويذريه في الريح، ويقول: زعم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن الله يبعثنا بعد أن نموت، ونكون عظاما، مثل هذا، إن هذا شئ لا يكون أبدا، عن الكلبي. وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة في رواية عطاء، عن ابن عباس.
المعنى: لما تقدم ذكر الوعد والوعيد، والبعث والنشور، حكى سبحانه عقيبه، قول منكري البعث، ورد عليهم بأوضح بيان، وأجلى برهان، فقال: