وتتطهرين من النفاس، عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، قالوا: وكان نهرا قد انقطع الماء عنه، فأرسل الله الماء فيه لمريم، وأحيا ذلك الجذع، حتى أثمر وأورق. وقيل: ضرب جبرائيل عليه السلام برجله، فظهر ماء عذب. وقيل: بل ضرب عيسى برجله، فظهرت عين ماء تجري، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وقيل:
السري عيسى عليه السلام، عن الحسن، وابن زيد، والجبائي. والسري: وهو الشريف الرفيع. قال الحسن: كان والله عبدا سريا.
* (وهزي إليك بجذع النخلة) * معناه: اجذبي إليك بجذع النخلة. والباء مزيدة. وقال الفراء: العرب تقول هزه وهز به. * (تساقط عليك رطبا جنيا) * مر معناه. وقال الباقر عليه السلام: لم تستشف النفساء بمثل الرطب، إن الله أطعمه مريم في نفاسها. وقالوا: إن الجذع كان يابسا لا ثمر عليه، إذ لو كان عليه ثمر، لهزته من غير أن تؤمر به، وكان في الشتاء، فصار معجزة بخروج الرطب في غير أوانه، وبخروجه دفعة واحدة، فإن العادة أن يكون نورا أولا، ثم يصير بلحا، ثم بسرا.
وروي أنه لم يكن للجذع رأس، فضربته برجلها، فأورقت وأثمرت، وانتثر عليها الرطب جنيا. والشجرة التي لا رأس لها لا تثمر في العادة. وقيل: إن تلك النخلة كانت برنية. وقيل: كانت عجوة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام.
* (فكلي واشربي) * أي: كلي يا مريم من هذا الرطب، واشربي من هذا الماء * (وقري عينا) * جاء في التفسير: وطيبي نفسا. وقيل: معناه لتقر عينك سرورا بهذا الولد الذي ترين، لأن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة. وقيل: معناه لتسكن عينك سكون سرور برؤيتك ما تحبين * (فإما ترين من البشر أحدا) * فسألك عن ولدك * (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) * أي: صمتا، عن ابن عباس. والمعنى أوجبت على نفسي لله أن لا أتكلم. وقيل: صوما أي: إمساكا عن الطعام، والشراب، والكلام، عن قتادة. وإنما أمرت الصمت ليكفيها الكلام ولدها بما يبرئ به ساحتها، عن ابن مسعود، وابن زيد، ووهب. وقيل: كان في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام، كما يصوم عن الطعام، فلا يتكلم الصائم حتى يمسي.
يدل على هذا قوله * (فلن أكلم اليوم إنسيا) * أي: إني صائم فلن أكلم اليوم أحدا.
وكان قد أذن لها أن تتكلم بهذا القدر، ثم تسكت، ولا تتكلم بشئ آخر، عن السدي. وقيل: كان الله تعالى أمرها بأن تنذر لله الصمت، وإذا كلمها أحد تومئ