وأشد إزالة لاهتمامها، وسقوط الرطب من الجذع منفردا من النخل، مثل رزقها الذي كان يأتيها المحراب في قوله تعالى * (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) * إلى قوله * (هو من عند الله) *. وقوله * (رطبا) * في هذه الوجوه منصوب على أنه مفعول به، و يجوز في قوله * (تساقط عليك) * أي: تساقط عليك ثمرة النخلة رطبا، فحذف المضاف الذي هو الثمرة، ويكون انتصاب رطب على الحال. وجاز أن يضمر الثمر. وإن لم يجر لها ذكر، لأن ذكر النخلة يدل عليها. فأما الباء في قوله * (وهزي إليك بجذع النخلة) * فيحتمل أمرين أحدهما: أن يكون زيادة كقوله ألقى بيده، وألقى يده وقوله:
بواد يمان ينبت الشث صدره، * وأسفله بالمرخ، والشبهان (1) ونحو ذلك، ويجوز أن يكون المعنى: وهزي إليك بهز جذع النخلة رطبا، كما قال ذو الرمة:
وصوح البقل نأآج تجئ به * هيف يمانية في مرها نكب أي: تجئ بمجيئة هيف، يعني: إذا جاء النئاج، جاء الهيف. وكذلك إذا هزت الجذع، هزت بهزه رطبا أي: فإذا هززت الرطب، سقط. وأما قراءة مسروق * (يساقط) * فإنه بمعنى يسقط شيئا بعد شئ، وأنشد ابن جني قول ضابئ البرجمي:
يساقط عنه روقه ضارباتها * سقاط حديد القين أخول أخولا أي: يسقط قرن هذا الثور ضاريات كلاب الصيد، لطعنه إياها به شيئا بعد شئ. وأما قراءة طلحة * (رطبا جنيا) * فإنه أتبع كسرة الجيم كسرة النون. قال ابن جني: شبه النون، وإن لم يكن من حروف الحلق بهن في نحو الشخير، والنخير، والرغيف. و * (أما ترين) * فهي شاذ، لكنه جاء في لغة إثبات النون في الجزم، وأنشد أبو الحسن:
لولا فوارس من قيس، وأسرتهم، * يوم الصليفاء، لم يوفون بالجار (2)