بضع وتسعون سنة * (قال كذلك) * أي: قال الله سبحانه: الأمر على ما أخبرتك من هبة الولد على الكبر. * (قال ربك هو علي هين) * أرد عليك قوتك حتى تقوى على الجماع، وأفتق رحم امرأتك بالولد، عن ابن عباس * (وقد خلقتك من قبل) * أي:
من قبل يحيى * (ولم تك شيئا) * أي: أنشأتك وأوجدتك، ولم تك شيئا موجودا.
فإزالة عقر زوجتك، وإزالة ما يمنع قبول الولد، أيسر في الاعتبار من ابتداء الانشاء.
وروى الحكم بن عيينة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما ولد يحيى بعد البشارة له من الله بخمس سنين.
* (قال) * زكريا يا * (ربي اجعل لي آية) * أي: دلالة وعلامة استدل بها على وقت كونه * (قال) * الله تعالى * (آيتك) * أي: علامتك على ذلك * (أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا) * أي: وأنت سوي صحيح سليم من غير علة. قال ابن عباس: اعتقل لسانه من غير مرض ثلاثة أيام. وقال قتادة، والسدي: اعتقل لسانه من غير بأس، ولا خرس، فإنه كان يقرأ الزبور، ويدعو إلى الله، ويسبحه، ولا يمكنه أن يكلم الناس، وهذا أمر خارج عن العادة.
* (فخرج على قومه من المحراب) * أي: من مصلاه، عن ابن زيد. وسمي المحراب محرابا لأن المتوجه إليه في صلاته كالمحارب للشيطان على صلاته.
والأصل فيه مجلس الأشراف الذي يحارب دونه ذبا عن أهله. قالوا: وكان زكريا قد أخبر قومه بما بشر به، فلما خرج عليهم، وامتنع من كلامهم، علموا إجابة دعائه، فسروا به * (فأوحى إليهم) * أي: أشار إليهم، وأومى بيده. وقيل: كتب لهم في الأرض، عن مجاهد.
* (أن سبحوا بكرة وعشيا) * أي: صلوا بكرة وعشيا، عن الحسن، وقتادة.
وتسمى الصلاة سبحة، وتسبيحا، لما فيها من التسبيح. وقيل: أراد التسبيح بعينه.
وقال ابن جريج: أشرف عليهم زكريا من فوق غرفة كان يصلي فيها، لا يصعد إليها إلا بسلم، وكانوا يصلون معه الفجر والعشاء، فكان يخرج إليهم، فيأذن لهم بلسانه. فلما اعتقل لسانه، خرج على عادته، وأذن لهم بغير كلام، فعرفوا عند ذلك أنه قد جاء وقت حمل امرأته بيحيى، فمكث ثلاثة أيام لا يقدر على الكلام معهم، ويقدر على التسبيح والدعاء.