في ذلك، فشق على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما يتكلم به أهل مكة عليه. ثم جاءه جبرائيل عليه السلام، عن الله سبحانه، بسورة الكهف، وفيها ما سألوه عنه، عن أمر الفتية، والرجل الطواف، وأنزل عليه * (ويسألونك عن الروح) * الآية. قال ابن إسحاق : فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال لجبرائيل حين جاءه: لقد احتبست عني يا جبرائيل؟! فقال له جبرائيل عليه السلام: * (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا) * الآية.
المعنى: * (أم حسبت) * معناه بل أحسبت يا محمد * (أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) * فلخلق السماوات والأرض أعجب من هذا، عن مجاهد، وقتادة. ويحتمل أنه لما استبطأ الجواب حين سألوه عن القصة، قيل له:
أحسبت أن هذا شئ عجيب، حرصا على إيمانهم، حتى قوي طمعك، أنك إذا أخبرتهم به آمنوا. والمراد بالكهف. كهف الجبل الذي أوى إليه القوم الذين قص الله أخبارهم.
واختلف في معنى الرقيم، فقيل: إنه اسم الوادي الذي كان فيه الكهف، عن ابن عباس، والضحاك. وقيل: الكهف غار في الجبل. والرقيم: الجبل نفسه، عن الحسن. وقيل: الرقيم القرية التي خرج منها أصحاب الكهف، عن كعب، والسدي. وقيل: هو لوح من حجارة، كتبوا فيه قصة أصحاب الكهف، ثم وضعوه على باب الكهف، عن سعيد بن جبير، واختاره البلخي، والجبائي. وقيل: جعل ذلك اللوح في خزائن الملوك، لأنه من عجائب الأمور، وقيل: الرقيم كتاب، ولذلك الكتاب خبر، فلم يخبر الله تعالى عما فيه، عن ابن زيد. وقيل: إن أصحاب الرقيم هم النفر الثلاثة الذين دخلوا في غار، فانسد عليهم، فقالوا:؟ ليدع الله تعالى كل واحد منا بعمله، حتى يفرج الله عنا. ففعلوا، فنجاهم الله. ورواه النعمان بن بشير مرفوعا * (إذ أوى الفتية إلى الكهف) * أي: اذكر لقومك إذ التجأ أولئك الشبان إلى الكهف، وجعلوه مأواهم هربا بدينهم إلى الله * (فقالوا) * حين آووا إليه * (ربنا آتنا من لدنك رحمة) * أي: نعمة ننجو بها من قومنا، وفرج عنا ما نزل بنا * (وهئ لنا من أمرنا رشدا) * أي: هئ وأصلح لنا من أمرنا ما نصيب به الرشد.
وقيل: هئ لنا مخرجا من الغار في سلامة، عن ابن عباس. وقيل: معناه دلنا على مر فيه نجاتنا، لأن الرشد والنجاة بمعنى. وقيل: يسر لنا من أمرنا ما نلتمس به رضاك، وهو الرشد.