أسماء الغيبة، وهو قوله * (ما لهم من دونه من ولي) *، والمعنى: ولا يشرك الله في حكمه أحدا.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن مقدار مدة لبثهم، فقال: * (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين) * معناه: وأقام أصحاب الكهف من يوم دخلوا الكهف إلى أن بعثهم الله، وأطلع عليهم الخلق ثلاثمائة سنة * (وازدادوا تسعا) * أي: تسع سنين، إلا أنه استغنى بما تقدم عن إعادة ذكر تفسير التسع، كما يقال: عندي مائة درهم وخمسة * (قل الله أعلم بما لبثوا) * معناه: إن حاجك يا محمد أهل الكتاب في ذلك، فقل:
الله أعلم بما لبثوا. وذلك أن أهل نجران قالوا: أما الثلاثمائة فقد عرفناها، وأما التسع فلا علم لنا بها. وقيل: إن معناه الله أعلم بما لبثوا إلى أن ماتوا. وحكي عن قتادة أنه قال قوله: * (ولبثوا في كهفهم) * الآية. حكاية عن قول اليهود، وقوى ذلك بقوله * (قل الله أعلم بما لبثوا) * فذكر أنه سبحانه العالم بمقدار لبثهم دون غيره. وقد ضعف هذا الوجه بأن أخبار الله لا ينبغي صرفها إلى الحكاية، إلا بدليل قاطع، ولو كان الامر على ما قاله، لم تكن مدة لبثهم مذكورة. ومن المعلوم أن الله سبحانه أراد بالآية الاستدلال على عجيب قدرته، وباهر آيته، وذلك لا يتم إلا بعد معرفة مدة لبثهم.
فالمراد بقوله * (قل الله أعلم بما لبثوا) * بعد بيان مدة لبثهم، إبطال قول أهل الكتاب واختلافهم في مدة لبثهم، فتقديره قل يا محمد: الله أعلم بمدة لبثهم. وقد أخبر بها فخذوا بما أخبر الله تعالى، ودعوا قول أهل الكتاب فهو أعلم بذلك منهم * (له غيب السماوات والأرض) * والغيب: أن يكون الشئ بحيث لا يقع عليه الادراك، أي: لا يغيب عن الله سبحانه شئ، لأنه لا يكون بحيث لا يدركه، فيعلم ما غاب في السماوات والأرض، عن إدراك العباد * (أبصر به وأسمع) * هذا لفظ التعجب، ومعناه: ما أبصره وأسمعه أي: ما أبصر الله تعالى لكل مبصر، وما أسمعه لكل مسموع، فلا يخفى عليه من ذلك. وإنما أخرجه مخرج التعجب، على وجه التعظيم.
وروي أن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن مدة لبثهم، فأخبر بما في القرآن، فقال: إنا نجد ني كتابنا ثلاثمائة. فقال عليه السلام: ذاك بسني الشمس، وهذا بسني القمر. وقوله: * (ما لهم من دونه من ولي) * أي: ليس لأهل السماوات