لقد قلنا قولا شططا. * (وما يعبدون) *: في موضع نصب عطفا على الهاء والميم في * (اعتزلتموهم) *، والمراد الأصنام التي يعبدونها من دون الله. ويجوز أن تكون * (ما) * مصدرية أي: وعبادتهم إلا عبادة الله، فحذف المضاف، والاستثناء على هذا من الهاء والميم، وإن جعلت * (ما) * موصولة، كان الاستثناء من مفعول * (يعبدون) * استثناء منقطعا.
المعنى: ثم بين سبحانه قصة أصحاب الكهف، فقال: * (نحن نقص عليك) * أي: نتلو عليك يا محمد * (نبأهم) * أي: خبرهم * (بالحق) * أي: بالصدق، والصحة * (إنهم فتية) * أي: أحداث وشباب * (آمنوا بربهم وزدناهم هدى) * أي: بصيرة في الدين، ورغبة في الثبات عليه بالألطاف المقوية لدواعيهم إلى الإيمان. وحكم لهم سبحانه بالفتوة، لأن رأس الفتوة الإيمان. وقيل: الفتوة بذل الندى، وترك الأذى، وترك الشكوى، عن مجاهد. وقيل: هي اجتناب المحارم، واستعمال المكارم.
* (وربطنا على قلوبهم) * أي: شددنا عليها بالألطاف والخواطر المقوية للإيمان، حتى وظنوا أنفسهم على إظهار الحق، والثبات على الدين، والصبر على المشاق، ومفارقة الوطن.
* (إذ قاموا) * أي: حين قاموا بين يدي ملكهم الجبار دقيانوس الذي كان يفتن أهل الإيمان عن دينهم * (فقالوا) * بين يديه * (ربنا رب السماوات والأرض) * أي: ربنا الذي نعبده خالق السماوات والأرض * (لن ندعوا من دونه إلها) * أي: لن نعبد إلها سواه معه * (لقد قلنا إذا شططا) * معناه: إن دعونا مع الله إلها آخر، فلقد قلنا إذا قولا مجاوزا للحق، غاية في البطلان * (هؤلاء قومنا) * أي: أهل بلدنا * (اتخذوا من دونه) * أي: من دون الله * (آلهة) * يعبدونها * (لولا يأتون عليهم بسلطان بين) * أي: هلا يأتون على عبادتهم غير الله بحجة ظاهرة. وفي هذا دم زجر للتقليد، وإشارة إلى أنه لا يجوز أن يقبل دين إلا بحجة واضحة.
* (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * فزعم أن له شريكا في العبادة * (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله) * قال ابن عباس: وهذا من قول * (تمليخا) * وهو رئيس أصحاب الكهف، قال لهم: فإذا فارقتموهم وتنحيتم عنهم جانبا، يعني عبدة الأصنام، وفارقتم ما يعبدون أي: أصنامهم إلا الله، فإنكم لن تتركوا عبادته، وذلك أن أولئك كانوا يشركون بالله. ويجوز أنه كان فيهم من يعبد الله مع عبادة الأصنام،