والنباتات، والجماد * (الله) * فإذا أقروا بذلك * (قل) * لهم على وجه التبكيت والتوبيخ لفعلهم * (أفاتخذتم من دونه أولياء) * توجهون عبادتكم إليهم. فالصورة صورة الاستفهام، والمراد به التقريع.
ثم بين ان هؤلاء الذين اتخذوهم من دونه أولياء * (لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا) * ومن لا يملك لنفسه ذلك، فالأولى والأحرى أن لا يملك لغيره، ومن كان كذلك، فكيف يستحق العبادة. وإذا قيل: كيف يكون هو السائل والمجيب والملزم بقوله * (قل أفاتخذتم من دونه أولياء) * فالجواب أنه إذا كان القصد بالحجاج ما يبينه من بعد من بعد لم يمتنع ذلك، فكأنه قال: الله الخالق، فلماذا اتخذتم من دون الله أولياء؟ لأن الأمر الظاهر الذي لا يجيب الخصم إلا به، لا يمتنع أن يبادر السائل إلى ذكره، ثم يورد الكلام عليه تفاديا من التطويل، ويكون تقدير الكلام: أليس الله رب السماوات والأرض، فلم اتخذتم من دونه أولياء؟ ثم ضرب لهم سبحانه مثلا بعد إلزام الحجة، فقال: * (قل هل يستوي الأعمى والبصير) * أي: كما لا يستوي الأعمى والبصير، كذلك لا يستوي المؤمن والكافر، لأن المؤمن يعمل على بصيرة، ويعبد الله الذي يملك النفع والضر. والكافر يعمل على عمى، ويعبد من لا يملك النفع والضر.
ثم زاد في الإيضاح، فقال: * (أم هل تستوي الظلمات والنور) * أي: هل يستوي الكفر والإيمان، أو الضلالة والهدى، أو الجهل والعلم * (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه) * أي: هل جعل هؤلاء الكفار لله شركاء في العبادة، خلقوا أفعالا مثل خلق الله تعالى من الأجسام والألوان، والطعوم والأراييح، والقدرة والحياة وغير ذلك من الأفعال التي يختص سبحانه بالقدرة عليها * (فتشابه الخلق عليهم) * أي: فاشتبه لذلك عليهم ما الذي خلق الله، وما الذي خلق الأوثان، فظنوا أن الأوثان تستحق العبادة، لأن أفعالها مثل أفعال الله. فإذا لم يكن ذلك مشتبها، إذ كان كله لله تعالى، لم يبق شبهة أنه الإله لا يستحق العبادة سواه ف * (قل) * لهم: * (الله خالق كل شئ) * يستحق به العبادة من أصول النعم وفروعها * (وهو الواحد) * ومعناه أنه يستحق من الصفات ما لا يستحقه غيره، فهو قديم لذاته، قادر لذاته، عالم لذاته، حي لذاته، غني لا مثل له، ولا شبه. وقيل: الواحد هو الذي لا يتجزأ، ولا يتبعض.
وقيل: هو الواحد في الإلهية لا ثاني له في القدم. * (القهار) *: الذي يقهر كل قادر