أصابته صاعقة فعلي ديته. * (والملائكة من خيفته) * أي: ويسبح الملائكة من خيفة الله تعالى وخشيته. قال ابن عباس: إنهم خائفون من الله تعالى، ليس كخوف ابن آدم، لا يعرف أحدهم من على يمينه، ومن على يسار ه، ولا يشغله عن عبادة الله طعام، ولا شراب، ولا شئ.
* (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) * ويصرفها عمن يشاء، إلا أنه حذف.
وروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: إن الصواعق تصيب المسلم، وغير المسلم، ولا تصيب ذاكرا * (وهم يجادلون في الله) * يعني: إن هؤلاء الجهال مع مشاهدتهم لهذه الآيات، يخاصمون أهل التوحيد، ويحاولون قتلهم (1) عن مذاهبهم بجدالهم، لان معنى الجدال: فتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج. روى الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس انه عني بذلك أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة العامري لأمه، وعامر بن طفيل، وذلك أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجادلانه، ويريدان الفتك به، وكان عامر أوصى إلى أربد، إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه، فاضربه بالسيف. فجعل عامر يخاصم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويراجعه الكلام، فدار أربد خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليضربه، فاخترط من سيفه شبرا، ثم حبسه الله عنه، فلم يقدر على سله، وجعل عامر يومي إليه.
فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرأى أربدا وما يصنع بسيفه، فقال: اللهم اكفنيهما بما شئت! فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صاح، صائف، فأحرقته، وولى عامر هاربا، وقال: يا محمد! دعوت ربك فقتل أربدا، والله لأملأنها عليك خيلا جردا، وفتيانا مردا، ولأربطن بكل نخلة فرسا. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الله يمنعك من ذلك، فنزل بيت امرأة من سلول، وخرج على ركبتيه في الوقت غدة عظيمة، فكان يقول غدة كندة البعير، وموت في بيت سلولية، حتى قتلته. وفي ذلك يقول لبيد بن ربيعة يرثي أخاه أربدا:
أخشى على أربد الحتوف، ولا * أرهب نوء السماك، والأسد فجعني البرق، والصواعق * بالفارس يوم الكريهة النجد (2) .