ويجوز أن يكون لما تمم الله أوصاف ما يدل على توحيده وقدرته، قال بعد ذلك: * (وهم يجادلون) * والكاف من قوله: * (كباسط كفيه) * يتعلق بصفة مصدر تقديره إلا استجابة كائنة كاستجابة باسط كفيه إلى الماء، هذا إذا كان الكاف حرفا. وإذا كان اسما محضا، فالتقدير: إلا استجابة مثل استجابة باسط كفيه إلى الماء، فلا يكون في الكاف ضمير، أي: كما يستجيب الماء باسط كفيه إليه. واللام في قوله:
* (ليبلغ فاه) * يتعلق بباسط كفيه. * (وما هو ببالغه) * أي: ما الماء ببالغ فاه. وقيل: ما فوه ببالغ الماء. وقيل: ما باسط كفيه إلى الماء ببالغ الماء. و * (طوعا وكرها) *:
مصدران وضعا موضع الحال.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن كمال قدرته، فقال: * (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا) * أي: تخويفا واطماعا، فأقام الخوف والطمع مقام التخويف والإطماع، وذكر فيه وجوه أحدها: إن المعنى خوفا من الصواعق التي يكون معها، وطمعا في الغيث الذي يزيل القحط، عن الحسن، وأبي مسلم. والثاني: خوفا للمسافر من أن يضل الطريق، فلا يمكنه المسير، وطمعا للمقيم في نمو الزرع والخير الكثير، عن قتادة، والضحاك، والجبائي. والثالث: خوفا لمن يخاف ضر المطر، لأنه ليس كل بلد ينتفع فيه بالمطر، وطمعا لمن يرجو الانتفاع به، عن الزجاج.
* (وينشئ السحاب الثقال) * أي: ويخلق السحاب الثقال بالماء، يرفعها من الأرض، فيجريها في الجو * (ويسبح الرعد بحمده) * تسبيح الرعد دلالته على تنزيه الله تعالى، ووجوب حمده، فكأنه هو المسبح. وقيل: إن الرعد هو الملك الذي يسوق السحاب ويزجره بصوته، وهو يسبح الله تعالى ويحمده. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إن ربكم سبحانه يقول: لو أن عبادي أطاعوني، لأسقيتهم المطر بالليل، وأطلعت عليهم الشمس بالنهار، ولم أسمعهم صوت الرعد. وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع صوت الرعد قال: (سبحان من يسبح الرعد بحمده). وكان ابن عباس يقول:
سبحان الذي سبحت له. وروى سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سمع الرعد والصواعق، قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك). وقال ابن عباس: من سمع صوت الرعد، فقال:
سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، وهو على كل شئ قدير، فإن