ملائكة الليل ملائكة النهار، وملائكة النهار ملائكة الليل، وهم الحفظة يحفظون على العبد عمله، عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد، والجبائي. وقال الحسن: هم أربعة املاك يجتمعون عند صلاة الفجر، وهو معنى قوله: * (إن قرآن الفجر كان مشهودا) *، وقد روي ذلك عن أئمتنا عليهم السلام أيضا، والثاني: انهم ملائكة يحفظونه من المهالك، حتى ينتهوا به إلى المقادير، فيحيلون بينه وبين المقادير، عن علي عليه السلام، وابن عباس. وقيل: هم عشرة املاك على كل آدمي يحفظونه والثالث:
انهم الأمراء والملوك في الدنيا، الذين يمنعون الناس عن المظالم، وتكون لهم الأحراس والشرط والمواكب، يحفظونه، عن عكرمة، والضحاك، وروي أيضا عن ابن عباس، وتقديره: ومن هو سارب بالنهار، له أحراس وأعوان قدر أنهم يحرسونه، ولم يتجه أحراسه من الله.
* (من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) * أي: يطوفون به كما يطوف الموكل بالحفظة. وقيل: يحفظون ما تقدم من عمله، وما تأخر، إلى أن يموت، فيكتبونه، عن الحسن. وقيل: يحفظونه من وجوه المهالك والمعاطب، ومن الجن والإنس والهوام. وقال ابن عباس: يحفظونه مما لم يقدر نزوله، فإذا جاء المقدر، بطل الحفظ. وقيل: من أمر الله أي: بأمر الله، عن الحسن، ومجاهد، والجبائي، وروي ذلك عن ابن عباس، وهذا كما يقال هذا الأمر بتدبير فلان، ومن تدبير فلان. وقيل: معناه يحفظونه عن خلق الله، فتكون من بمعنى عن كما في قوله: * (وآمنهم من خوف) * أي: عن خوف، قال كعب: لولا أن الله وكل بكم ملائكة، يذبون عنكم في مطعمكم، ومشربكم، وعوراتكم، لتخطفنكم الجن * (إن الله لا يغير ما بقوم) * من النعمة، * (حتى يغيروا ما بأنفسهم) * من الطاعة، فيعصون ربهم، ويظلم بعضهم بعضا، قال ابن عباس: إذا أنعم الله على قوم، فشكروها، زادهم، وإذا كفروها سلبهم إياها. وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله:
(إذا أقبلت عليكم أطراف النعم، فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر). * (وإذا أراد الله بقوم سوءا) * أي: عذابا، وإنما سماه سوءا لأنه يسوء * (فلا مرد له) * أي: لا مدفع له.
وقيل: معناه إذا أراد الله بقوم بلاء من مرض وسقم، فلا مرد لبلائه * (وما لهم من دونه من وال) * يلي أمرهم، ويمنع العذاب عنهم.
النظم: اتصلت الآية الأولى بقوله * (وإن تعجب) * الآية. فإنه احتجاج للبعث،