الرأي، للرأي المعظم، فكذلك وجه ربهم، هو نفسه المعظم، فلا شئ أعظم منه، ولا شئ يساويه في العظم. وقيل: إن ذكر الوجه هنا عبارة عن الإخلاص، وترك الرياء.
* (وأقاموا الصلاة) * أي: أدوها بحدودها. وقيل: داموا على فعلها * (وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية) أي: ظاهرا وباطنا * (ويدرءون بالحسنة السيئة) * أي:
يدفعون بفعل الطاعة المعصية. قال ابن عباس: (يدفعون بالعمل الصالح السئ من العمل)، كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لمعاذ بن جبل: (إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة تمحها). وقيل: معناه يدفعون إساءة من أساء إليهم بالإحسان والعفو، ولا يكافئون كقوله سبحانه * (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) *، عن قتادة، وابن زيد، والقتيبي. قال الحسن: إذا حرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا.
وقيل: معناه يدفعون بالتوبة معرة الذنب، عن ابن كيسان. * (أولئك) *: يعني أن هؤلاء الذين هذه صفاتهم * (لهم عقبى الدار) * أي: ثواب الجنة. فالدار الجنة، وثوابها عقباها التي هي العاقبة المحمودة، عن ابن عباس، والحسن. ثم وصف الدار فقال: * (جنات عدن) * أي: بساتين إقامة تدوم ولا تفنى. وقيل: هي الدرجة العليا، وسكانها الشهداء والصديقون. عن ابن عباس. وقيل: هي مدينة في الجنة، فيها الأنبياء، والأئمة، والشهداء، عن الضحاك. وقيل: قصر من ذهب، لا يدخله إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، أو حاكم عدل، عن الحسن، وعبد الله بن عمر.
ثم بين سبحانه ما يتكامل به سرورهم من اجتماع قومهم معهم، فقال:
* (يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) * أي: أولادهم، يعني من آمن منهم، وصدق بما صدقوا به، وذلك أن الله سبحانه جعل من ثواب المطيع سروره بما يراه في أهله، من إلحاقهم به في الجنة، كرامة له، كما قال * (ألحقنا بهم ذريتهم) *، عن ابن عباس، ومجاهد. * (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) * من أبواب الجنة الثمانية. وقيل: من كل باب من أبواب البر كالصلاة، والزكاة، والصوم. وقيل: من أبواب قصورهم وبساتينهم بالتحية من الله سبحانه، والتحف والهدايا، عن ابن عباس.
ويقولون: * (سلام عليكم بما صبرتم) * والقول محذوف لدلالة الكلام عليه.