الدين، وسماها سيئة لأنها جزاء السيئة * (وقد خلت من قبلهم) * أي: مضت من قبلهم * (المثلات) * أي: العقوبات التي يقع بها الاعتبار وهو ما حل بهم من المسخ والخسف والغرق، وقد سلك هؤلاء طريقتهم فكيف يتجاسرون على استعجالها.
وقيل: هي العقوبة الفاضحة التي تسير بها الأمثال، وتقديره وقد خلت المثلات بأقوام، أو خلا أصحاب المثلات، فحذف المضاف * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * قال المرتضى (ره): في هذه الآية دلالة على جواز المغفرة للمذنبين من أهل القبلة، لأنه سبحانه دلنا على أنه يغفر لهم مع كونهم ظالمين، لأن قوله * (على ظلمهم) * إشارة إلى الحال التي يكونون عليها ظالمين، ويجري ذلك مجرى قول القائل: أنا أود فلانا على غدره، وأصله على هجر ه.
* (وان ربك شديد العقاب) * لمن استحقه. وروي عن سعيد بن المسيب قال:
لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لولا عفو الله وتجاوزه، ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيد الله وعقابه، لاتكل كل واحد. وتلا مطرف يوما هذه الآية، فقال: لو يعلم الناس قدر رحمة الله، وعفو الله، وتجاوز الله، لقرت أعينهم، ولو يعلم الناس قدر عذاب الله، وبأس الله، ونكال الله، ونقمة الله، ما رقأ لهم دمع، ولا قرت أعينهم بشئ * (ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه) * مثل الناقة والعصا، عن ابن عباس. وقال الزجاج: طلبوا غير الآيات التي أتى بها، فالتمسوا مثل آيات موسى وعيسى، فأعلم الله أن لكل قوم هاد، والمعنى انه سبحانه بين سوء طريقتهم في اقتراح الآيات، كما في قوله * (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) * إلى قوله * (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) *. وكما قالوا: اجعل الصفا لنا ذهبا حتى نأخذ منه ما نشاء، وإنما لم يظهر الله تعالى تلك الآيات، لأنه لو أجاب أولئك، لاقترح قوم آخرون آية أخرى، وكذلك كل كافر، فكان يؤدي إلى غير نهاية.
* (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) * فيه أقوال أحدها: ان معناه إنما أنت منذر أي: مخوف، وهاد لكل قوم، وليس إليك إنزال الآيات، عن الحسن، وأبي الضحى، وعكرمة، والجبائي. وعلى هذا فيكون * (أنت) * مبتدأ، * (ومنذر) * خبره، و * (هاد) * عطف على منذر. وفصل بين الواو والمعطوف بالظرف، والثاني: ان منذر هو محمد، والهادي هو الله تعالى، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، ومجاهد. والثالث: ان معناه إنما أنت منذر يا محمد، ولكل قوم هاد نبي يهديهم