لهم) * أي: لمشركي قريش * (ماذا أنزل ربكم) * على محمد صلى الله عليه وآله وسلم * (قالوا أساطير الأولين) * أي: أجابوا فقالوا هذا المنزل في زعمكم هو عندنا أحاديث الأولين الكاذبة، عن ابن عباس وغيره، ويروى أنها نزلت في المقتسمين، وهم ستة عشر رجلا، خرجوا إلى عقاب مكة، أيام الحج، على طريق الناس، على كل عقبة أربعة منهم، ليصدوا الناس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا سألهم الناس عما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: أحاديث الأولين وأباطيلهم، عن الكلبي، وغيره.
* (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة) * اللام للعاقبة، والمعنى: كان عاقبة أمرهم حين فعلوا ذلك أن حملوا أوزار كفرهم تامة يوم القيامة * (ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) * أي: ويحملون مع أوزارهم بعض أوزار الذين أضلوهم عن سبيل الله، وأغووهم عن اتباع الحق، وهو وزر الإضلال والإغواء، ولم يحملوا وزر غوايتهم وضلالهم، وقوله * (بغير علم) * معناه: من غير علم منهم بذلك، بل جاهلين به. وعلى هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أيما داع دعا إلى الهدى، فاتبع، فله مثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا. وأيما داع دعا إلى ضلالة، فاتبع، فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا * (ألا ساء ما يزرون) * أي: بئس الحمل حملهم، وهو ما يحملونه من الآثام، لأنه إذا تحمل إثمه، ودخل النار، كان سببا، فكيف إذا تحمله بسبب فعل غيره.
* (قد مكر الذين من قبلهم) * أي: من قبل هؤلاء المشركين بأنبيائهم من جهة التكذيب وغيره. وهذا على سبيل التسلية لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم، والوعيد لقومه. * (فأتى الله بنيانهم من القواعد) * أي: أتى أمر الله بنيانهم التي بنوها من جوانب قواعدها، فهدمها، عن ابن عباس، قال: يعني نمرود بن كنعان بنى صرحا طويلا، ورام منه الصعود إلى السماء، ليقاتل أهلها بزعمه، فأرسل الله ريحا، فألقت رأس الصرح في البحر، وخر عليهم الباقي. وقال الزجاج: * (من القواعد) * يريد: من أساطين البناء التي تعمده. وقيل: هو بخت نصر. وقيل: إن هذا مثل ضربه الله سبحانه لاستئصالهم، ولا قاعدة هناك، ولا سقف، والمعنى: فأتى الله مكرهم من أصله أي: عاد ضرر المكر عليهم وبهم، عن الزجاج، وابن الأنباري. وهذا الوجه أليق بكلام العرب، كما قالوا: أتي فلان من مأمنه أي: أتاه الهلاك من جهة مأمنه، وإنما أسند سبحانه الإتيان إلى نفسه من حيث كان تخريب قواعدهم من جهته.