على الله في عدله بيان الطريق المستقيم، وهو بيان الهدى من الضلالة والحلال من الحرام ليتبع الهدى والحلال، ويجتنب الضلالة والحرام، وهذا مثل قوله: * (إن علينا للهدى) * * (ومنها جائر) * معناه: من السبيل ما هو جائر أي: عادل عن الحق * (ولو شاء لهداكم أجمعين) * إلى قصد السبيل بالإلجاء والقهر، فإنه قادر على ذلك.
وقيل: معناه لهداكم إلى الجنة والثواب تفضلا، عن الجبائي، وأبي مسلم. وقيل:
إن معنى الآية وعلى الله الممر. ومن الطرق التي الممر فيها على الله جائر، وكلاهما على الله، لا يخرج أحدا عن قبضته وحكمه، كقوله * (إن ربك لبالمرصاد) *. وقيل:
على الله ممر ذي السبيل القصد، والسبيل الجائر، وإليه مرجع كل واحد منهما، لا يخرج واحد عن سلطانه، ولو أراد أن يحمل الجميع على الحق لفعل. ومن عدل عن الطريق المستقيم، فليس ذلك لعجز من الله تعالى.
ثم عد سبحانه نعمة أخرى دالة على وحدانيته، فقال: * (هو الذي أنزل من السماء ماء) * أي: مطرا * (لكم منه شراب) * أي: لكم من ذلك الماء شراب تشربونه * (ومنه شجر) * فيه وجهان أحدهما: أن يكون المراد: ومنه شرب شجر، أو سقي شجر، فحذف المضاف والآخر: أن يكون المراد: ومن جهة الماء شجر، ومن سقيه وإنباته شجر، فحذف المضاف إلى الهاء في منه كما قال زهير:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم * بحومانة الدراج، فالمتثلم (1) أي: أمن ناحية أم أوفى، وقال أبو ذؤيب:
أمنك البرق أرقبه فهاجا * فبت إخاله دهما خلاجا (2) أي: أمن جهتك، وقال الجعدي:
لمن الديار عفون بالتهطال * بقيت على حجج خلون طوال أي: على مر حجج، والمعنى: وينبت منه شجر ونبات * (فيه تسيمون) * أي:
ترعون أنعامكم من غير كلفة والتزام مؤنة لعلفها * (ينبث لكم به الزرع والزيتون