قوم منكرون) * وإنما قال لهم لوط ذلك، لأنهم جاؤوه على صفة المرد على هيئة وجمال لم ير مثلهم قط، فأنكر شأنهم وهيأتهم. وقيل: انه أراد: اني أنكركم فعرفوني أنفسكم ليطمئن قلبي * (قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون) * أي: بالعذاب الذي كانوا يشكون فيه إذا خوفتهم به * (وأتيناك بالحق) * أي: بالعذاب المستيقن به * (وإنا لصادقون) * فيما أخبرناك به. وقيل: معناه وأتيناك بأمر الله تعالى، ولا شك أن أمره سبحانه حق.
* (فأسر بأهلك بقطع من الليل) * ومعناه: سر بأهلك بعد ما يمضي أكثر الليل، ويبقى قطعة منه * (واتبع أدبارهم) * أي: اقتف أثرهم، وكن وراءهم لتكون عينا عليهم، فلا يتخلف أحد منهم * (ولا يلتفت منكم أحد) * أي: لا يلتفت أحد منكم إلى ما خلف وراءه في المدينة. وهذا كما يقول القائل: إمض لشأنك، ولا تعرج على شئ. وقيل: لا ينظر أحد منكم وراءه، لئلا يروا العذاب فيفزعوا، ولا يحتمل قلبهم ذلك، عن الحسن، وأبي مسلم * (وامضوا حيث تؤمرون) * أي: اذهبوا إلى الموضع الذي أمركم الله بالذهاب إليه، وهو الشام، عن السدي. * (وقضينا إليه ذلك الأمر) * أي: أعلمنا لوطا، وأخبرناه، وأوحينا إليه ما ننزل به من العذاب * (أن دابر هؤلاء مقطوع) * يعني: ان آخر من يبقى منهم يهلك وقت الصبح، وهو قوله * (مصبحين) * أي: داخلين في وقت الصبح، والمراد: انهم مستأصلون بالعذاب وقت الصبح على وجه لا يبقى منهم أثر، ولا نسل، ولا عقب * (وجاء أهل المدينة يستبشرون) * يبشر بعضهم بعضا بنزول من هو في صورة الأضياف بلوط، وإنما فرحوا طمعا في أن ينالوا الفجور منهم * (قال) * لوط لهم * (إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون) * فيهم، والفضيحة: إلزام العار والشنار بالإنسان، ومعناه: لا تلزموني فيهم عارا بقصدكم إياهم بالسوء * (واتقوا الله) * باجتناب معاصيه * (ولا تخزون) * في ضيفي.
والخزي: الانقماع بالعيب الذي يستحيي منه.
* (قالوا أولم ننهك عن العالمين) * معناه: أولم ننهك أن تجير أحدا، أو تضيف أحدا. قال الجبائي: وهذا القول إنما كان من لوط لقومه قبل أن يعلم أنهم ملائكة بعثوا لإهلاك قومه، وإنما ذكر مؤخرا، وهو في المعنى مقدم كما ذكر في غير هذه الصورة * (قال) * لوط لهم، وأشار إلى بناته لصلبه * (هؤلاء بناتي) * فتزوجوهن إن كان لكم رغبة في التزويج، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة. وقوله: * (إن كنتم