ونبات الأرض وثمارها إنما تنبت بماء السماء. وقال الحسن: المطر خزائن كل شئ * (وما ننزله) * أي: وما ننزل المطر * (إلا بقدر معلوم) * تقتضيه الحكمة، وقيل: انه سبحانه استعار الخزائن للقدرة على إيجاد الأشياء، وعبر عن الإيجاد بالإنزال، لأن الإنزال في معنى الإعطاء والرزق، والمعنى: ان الخير كله من عند الله، لا يوجد ولا يعطي، إلا بحسب المصلحة والحاجة، ثم بين سبحانه كيفية الإنزال، فقال:
* (وأرسلنا الرياح لواقح) * أي: أجرينا الرياح لواقح، أي: ملقحة للسحاب، محملة بالمطر (1). * (فأنزلنا من السماء ماء) * أي: مطرا * (فأسقيناكموه) * أي:
فأسقيناكم ذلك الماء، ومكناكم منه * (وما أنتم له بخازنين) * أي: وما أنتم أيها الناس له بحافظين، ولا محرزين، بل الله يحفظه، ثم يرسله من السماء، ثم يحفظه في الأرض، ثم يخرجه من العيون بقدر الحاجة، ولا يقدر أحد على إحراز ما يحتاج إليه من الماء في موضع * (وإنا لنحن نحيي ونميت) *: أخبر سبحانه انه يحيي الخلق إذا شاء، ويميتهم إذا أراد. * (ونحن الوارثون) * الأرض ومن عليها. أخبر انه يرث الأرض لأنه إذا أفنى الخلق، ولم يبق أحد، كانت الأشياء كلها راجعة إليه، يتفرد بالتصرف فيها. * (ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين) * قيل فيه أقوال أحدها: إن معناه: ولقد علمنا الماضين منكم، ولقد علمنا الباقين، عن مجاهد، والضحاك، وقتادة. وثانيها: علمنا الأولين منكم والآخرين، عن الشعبي.
وثالثها: علمنا المستقدمين في صفوف الحرب، والمتأخرين عنها، عن سعيد بن المسيب. ورابعها: علمنا المتقدمين في الخير، والمبطئين عنه، عن الحسن وخامسها: علمنا المتقدمين إلى الصف الأول في الصلاة، والمتأخرين عنه، فإنه كان يتقدم بعضهم إلى الصف الأول، ليدركوا فضيلته، وكان يتأخر بعضهم لينظروا إلى أعجاز النساء، فنزلت الآية فيهم، عن ابن عباس. وسادسها: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حث الناس على الصف الأول في الصلاة، وقال: (خير صفوف الرجال أولها.
وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها). وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله