سدانة الكعبة خدمتها، وكانت هي واللواء في بني عبد الدار، والسقاية والرفادة إلى هاشم، فأقر ذلك في الاسلام على حاله. وإنما ذكر أحد الشيئين دون قرينة أعني السدانة دون اللواء، والسقاية دون الرفادة لأنهما لا يفترقان ولا يخلو أحدهما من صاحبه فكان ذكر الواحد متضمنا لذكر الثاني.
وهذا استثناء من المآثر وإن احتوى العطف على ثلاثة أشياء. ونظير قولك جاءتني بنو ضبة، وبنو الحارث، وبنو عبس، إلا قيس بن زهير. وذلك لأن المعنى يدعوه إلى متعلقه.
قوله تحت قدمي، عبارة عن الإهدار والإبطال، يقول الموادع لصاحبه اجعل ما سلف تحت قدميك، يريد طئ عليه واقمعه.
الضمير في منها يرجع إلى معنى كل، كقوله تعالى وكل أتوه داخرين.
وكذلك الضمير في كانت وفي قوله فهي.
فإن قلت هل يجوز أن يكون لفظ كانت صفة للذي أضيف إليه كل وللمعطوفين عليه فيستكن فيه ضميرها؟ قلت لا والمانع منه أن الفاء وقع في الخبر لمعنى الجزاء الذي تتضمنه النكرة الذي هو كل، وحقه أن يكون موصوفا بالفعل، فلو قطعنا عنه كانت لم يصلح لأن يقع الفاء في خبره فكانت إذن في محل النصب على أنه صفة كل وكائن في ضميره، وفيه دليل على أن إن لا يبطل معنى الجزاء بدخوله على الأسماء المتضمنة لمعنى الشرط.
أبطل الدماء التي كان يطلب بها بعضهم بعضا فيدوم بينهم التغاور والتناجز، والأموال التي كانوا يستحلونها بعقود فاسدة، وهي عقود ربا في الاسلام، والمفاخر التي كانت ينتج منها كل شر وخصومة وتهاج وتعاد.
وأما دم ربيعة فقد قتل له ابن صغير في الجاهلية فأضاف إليه الدم، لأنه وليه، وربيعة هذا عاش إلى أيام عمر.
[وفي الحديث] من سره أن يبسط الله في رزقه وينسأ في أثره فليصل رحمه، وقيل هو الأجل لأنه يتبع العمر، واستشهد بقول كعب والمرء ما عاش ممدود له أمل لا ينتهي العمر حتى ينتهى الأثر.
ويجوز أن يكون المعنى إن الله يبقى أثر واصل الرحم في الدنيا طويلا فلا يضمحل سريعا كما يضمحل أثر قاطع الرحم.