عليه ادعى المدعى ولم يقم على دعواه إلا شاهدا واحدا فاستحلف له النبي صلى الله عليه وسلم المدعى عليه فروى ذلك ليعلم الناس أن المدعى يجب له اليمين على المدعى عليه لا بحجة أخرى غير الدعوى لا يجب له اليمين إلا بها كما قال قوم إن المدعى لا يجب له اليمين فيما ادعى إلا أن يقيم البينة أنه قد كانت بينه وبين المدعى عليه خلطة ولبس فإن أقام على ذلك بينة استحلف له وإلا لم يستحلف فأراد الذي روى هذا الحديث أن ينفي هذا القول ويثبت اليمين بالدعوى وإن لم يكن مع الدعوى غيرها فهذا وجه وقد يجوز أن يكون أريد به يمين المدعي مع شاهده الواحد لان شاهده الواحد كان ممن يحكم بشهادته وحده وهو خزيمة بن ثابت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان عدل شهادته بشهادة رجلين حدثنا فهد قال ثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني عمارة بن خزيمة الأنصاري أن عمر حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه ليقبضه ثمن فرسه فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيساومونه بالفرس لا يشعرون أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبي صلى الله عليه وسلم فنادى الاعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه وإلا بعته فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الاعرابي فقال أوليس قد ابتعته منك فقال الاعرابي لا والله ما بعتك فقال النبي صلى الله عليه وسلم بلى قد ابتعته منك فطفق الناس يلوون بالنبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي وهما يتراجعان وطفق الاعرابي يقول هلم شهيدا يشهد لك أني قد بايعتك ممن جاء من المسلمين قالوا للأعرابي ويلك إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول إلا حقا حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الاعرابي وهو يقول هلم شهيدا يشهد لك أني قد بايعتك فقال خزيمة أنا أشهد أنك قد بايعته فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال بم تشهد فقال بتصديقك يا رسول الله فجعل رسول الله شهادة خزيمة بشهادة رجلين فلما كان ذلك الشاهد الذي قد ذكرنا قد يجوز أن يكون هو خزيمة بن ثابت فيكون المشهود له بشهادته وحده مستحقا لما شهد له كما يستحق غيره بالشاهدين مما شهدا له به فأدعي المدعي عليه الخروج من ذلك الحق إلى المدعي فاستحلفه له النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وأريد بنقل هذا الحديث ليعلم أن المدعي إذا أقام البينة على دعواه وادعى المدعى عليه الخروج من ذلك الحق إليه أن عليه اليمين مع بينته فهذه وجوه يحتملها ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قضائه باليمين مع الشاهد فلا ينبغي لأحد أن يأتي إلى خبر قد احتمل هذه التأويلات فيعطفه على أحد بلا دليل يدله على ذلك
(١٤٦)