فإذا أحمد بن أبي عمران قد حدثنا قال ثنا أبو خيثمة زهير بن حرب قال ثنا حفص بن غياث عن مجالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن جابر بن عبد الله أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهما زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إيتوا بأربعة منكم يشهدون فثبت بهذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينظر بينهم قبل أن يحكمه الرجل والمرأة المدعي عليهما الزنا لأنهما جميعا جاحدان ولو كانا مقرين لما أحتاج مع إقرارهما إلي أربعة يشهدون وروى عن البراء بن عازب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا حدثنا فهد قال ثنا عمر بن حفص بن غياث قال ثنا أبي عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء قال مر على رسول الله برجل قد حمم وجهه وقد ضرب يطاف به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن هذا قالوا زنى قال فما تجدون في كتابكم قالوا يحمم وجهه ويعزر ويطاف به فقال أنشدكم الله ما تجدون حده في كتابكم فأشاروا إلى رجل منهم فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل نجد في التوراة الرجم ولكنه كثر في أشرافنا فكرهنا أن نقيم الحد على سفلتنا وندع أشرافنا فاصطلحنا على شئ فوضعنا هذا فرجمه صلى الله عليه وسلم وقال أنا أولى من أحيا ما أماتوا من أمر الله ففي هذا ما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان له أن يحكم بينهم وإن لم يحكموا لان في هذا الحديث أنهم مروا به وهو محمم فذكر باقي الحديث ثم رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكارا لما فعلوه من قبل أن يأتوه فرد أمرهم إلى حكم الله الذي قد عطلوه وغيروه ثبت بذلك أنه قد كان له أن يحكم فيما بينهم حكموه أو لم يحكموه فهذا ما في هذه الآثار من الدلائل على ما قد تكلمنا عليه وأما قول الله عز وجل فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم فإن الذي ذهبوا فيه إلى تثبيت الحكم يقولون هي منسوخة حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو حذيفة عن سفيان عن السدي عن عكرمة فإن جاؤوك فأحكم بينهم أو أعرض عنهم قال نسختها هذه الآية وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم وقال الآخرون تأويلها وإن أحكم بينهم بما أنزل الله إن حكمت فلما اختلف في تأويل هذه الآية وكانت الآثار قد دلت على ما ذكرنا ثبت الحم عليهم على إمام المسلمين
(١٤٢)