أو يكون رآه في صحراء فيخالف حديث بن عمر وينسخ الأحاديث الأول فهو عندنا غير ناسخ لها حتى يعلم يقينا أنه قد نسخها وأما حديث جابر ففيه النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة واستدبارها لغائط أو بول ولم يبين مكانا فيحتمل أن يكون ذلك أيضا على ما فسرنا وبينا من حديث أبي أيوب فلا حجة فيه أيضا توجب مضادة حديث بن عمر وأبي قتادة قال جابر في حديثه ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة فقد يحتمل أن يكون ذلك البول كان في المكان الذي لم يكن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول وقع عليه فلم نعلم شيئا من هذه الآثار نسخ شيئا منها شئ ثم عدنا إلى حديث عراك ففيه أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حولوا مقعدتي مستقبل القبلة فقد يجوز أن يكون أنكر قولهم لأنهم كرهوا ذلك في جميع الأماكن فأمر بتحويل مقعدته نحو القبلة ليرد عليهم وليعلم أنه لم يقع نهيه على ذلك وإنما وقع النهي على استقبالها في مكان دون مكان ويحتمل أن يكون أراد بذلك نسخ النهي الأول في الأماكن كلها لان النهي كان قد وقع في الآثار الأول عن ذلك فليس فيه دليل أيضا على نسخ ولا غيره فلما كان حكم هذه الآثار كذلك كان أولى بنا أن نصححها كلها فنجعل ما فيه النهي منها على الصحارى وما فيه الإباحة على البيوت حتى لا تضاد منها شئ وقد حدثنا ابن أبي عمران قال ثنا إسحاق بن إسماعيل قال ثنا حاتم بن إسماعيل قال ثنا يونس قال ثنا ابن وهب عن حاتم عن عيسى بن أبي عيسى الخياط ح وحدثنا إسماعيل قال ثنا عبيد الله بن موسى قال ثنا عيسى عن الشعبي أنه سأله عن اختلاف هذين الحديثين فقال الشعبي صدقا والله أما حديث أبي هريرة فعلى الصحارى إن الله وملائكته يصلون فلا تستقبلوهم وإن حشوشكم هذه لا قبلة فيها فعلى هذا المعنى يحمل هذه الآثار حتى لا يتضاد منها شئ
(٢٣٦)