فكانت هذه الآثار حجة لأهل هذه المقالة على أهل المقالة الأولى وموجبة الحجة عليهم لان في هذه الآثار تأخير الإباحة عن النهي على ما ذكرنا في حديث جابر فهي ناسخة للآثار التي ذكرناها في أول هذا الباب وقد خالف قوم في القولين جميعا فقالوا بل نقول إن هذه الآثار كلها لا ينسخ شئ منها شيئا وذلك أن عبد الله بن الحارث أخبر في حديثه أنه أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن ذلك قال وأنا أول من حدث الناس بذلك فقد يجوز أن يكون ذلك النهي لم يقع على البول والغائط في جميع الأماكن ووقع على خاص منها وهي الصحارى ثم جاء أبو أيوب فكانت حكايته عن النبي صلى الله عليه وسلم هي النهي خاصة فذلك يحتمل ما احتمله حديث بن جزء على ما فسرناه وكراهة الاستقبال في الكرابيس المذكور فيه فهو عن رأيه ولم يحكه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد يجوز الاستقبال إلى أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما سمع فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد به الصحارى ثم حكم هو للبيوت برأيه بمثل ذلك ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أراد البيوت والصحارى إلا أنه ليس في ذلك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا أنه أراد أحد المعنيين دون الآخر وحديث عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان وحديث معقل بن أبي معقل وحديث أبي هريرة مما فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم فمثل ذلك أيضا ثم عدنا إلى ما رويناه في الإباحة فإذا بن عمر يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر بيت مستقبل القبلة فاحتمل أن يكون ذلك على إباحته لاستدبار القبلة للغائط أو البول في الصحارى والبيوت واحتمل أن يكون ذلك على الإباحة لذلك في البيوت خاصة فكان أراد به فيما روى عنه في النهي على الصحارى خاصة فأولى بنا أن نجعل هذا الحديث زائدا على الأحاديث الأول غير مخالف لها فيكون هذا على البيوت وتلك الأحاديث الأول على الصحارى وهذا قول مالك بن أنس حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب أنه سمع مالكا يقول ذلك ثم رجعنا إلى حديث أبي قتادة ففيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة قد يكون رآه بن عمر فيكون معنى حديثه وحديث بن عمر سواء فقد يكون رآه حيث رآه بن عمر فيكون معنى حديثه وحديث بن عمر سواء
(٢٣٥)