لذلك أن يمنعوا من أكل لحوم الحمر لكانوا إلى المنع من أكل لحوم الخيل أحوج لأنهم يحملون على الخيل كما يحملون على الحمر ويركبون الخيل بعد ذلك لمعان لا يركبون لها الحمر فدل ما ذكرنا أن العلة التي لها منعوا من أكل لحوم الحمر ليست هي هذه العلة وقد قال آخرون إنما منعوا يومئذ من أكل لحوم الحمر لأنها حمر كانت تأكل العذرة ورووا في ذلك ما حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا وهب قال ثنا شعبة عن الشيباني قال ذكرت لسعيد بن جبير حديث بن أبي أوفي في أمر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بإكفاء القدور يوم خيبر فقال إنما نهى عنها لأنها كانت تأكل العذرة وقالوا فإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها لهذه العلة فكان من الحجة عليهم في ذلك أنه لو لم يكن جاء في هذا إلا الامر بإكفاء القدور لكان ذلك محتملا لما قالوا ولكنه قد جاء هذا وجاء النهي في ذلك مطلقا حدثنا علي بن معبد قال ثنا شبابة بن سوار قال ثنا أبو زيد عبد الله بن المعلا قال ثنا مسلم بن مشكم كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله حدثني ما يحل لي مما يحرم علي فقال لا تأكل الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع فكان كلام النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث جوابا لسؤال أبي ثعلبة إياه عما يحل له مما يحرم عليه فدل ذلك على نهيه عن أكل لحوم الحمر الأهلية لا لعلة تكون في بعضها دون بعض من أكل العذرة وما أشبهها ولكن لها في أنفسها وقد جعلها صلى الله عليه وسلم في نهيه عنها كذي الناب من السباع فكما كان ذو ناب منهيا عنه لا لعلة كان كذلك الحمر الأهلية منهيا عنها لا لعلة وقد قال قوم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهى عنها لأنها كانت نهبة ورووا في ذلك حدثنا ابن أبي داود قال ثنا عمرو بن مرزوق قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن النحاز الحنفي عن سنان بن سلمة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر يوم خيبر بقدور فيها لحم حمر الناس فأمر بها فأكفئت فكان من الحجة عليهم في ذلك أن قوله حمر الناس يحتمل أن يكون انتهبوها من الناس ويحتمل أن تكون نسبت إلى الناس لأنهم يركبونها فيكون النهي وقع عليها لأنها أهلية لا لغير ذلك قالوا فإنه قد روى في ذلك ما يدل على أنها كانت نهبة
(٢٠٧)