قالوا وهو قد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم قوله البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فكان ذلك عنده على التفرق بالأبدان وعلى أن البيع يتم بذلك فدل ما ذكرنا على أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك أيضا واحتجوا في ذلك أيضا بحديث أبي برزة الذي قد ذكرناه عنه في أول هذا الباب وبقوله للرجلين اللذين اختصما إليه ما أراكما تفرقتما فكان ذلك التفرق عنده هو التفرق بالأبدان ولم يتم البيع عنده قبل ذلك التفرق فكان من الحجة عندنا على أهل هذه المقالة لأهل المقالتين الأوليين أن ما ذكروا من قولهم لا يكونان متبايعين إلا بعد أن يتعاقدا البيع وهما قبل ذلك متساومان غير متبايعين فذلك إغفال منهم لسعة اللغة لأنه قد يحتمل أن يكونا سميا متبايعين لقربهما من التبايع وإن لم يكونا تبايعا وهذا موجود في اللغة قد سمى إسحاق أو إسماعيل عليهما السلام ذبيحا لقربه من الذبح وإن لم يكن ذبح فكذلك يطلق على المتساومين اسم المتبايعين إذا قربا من البيع وإن لم يكونا تبايعا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسوم الرجل على سوم أخيه وقال لا يبيع الرجل على بيع أخيه ومعناهما واحد فلما سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم المساوم الذي قد قرب من البيع متبايعا وإن كان ذلك قبل عقده البيع احتمل أيضا أن يكون كذلك المتساومان سماهما متبايعين لقربهما من البيع وإن لم يكونا عقدا عقدة البيع فهذه معارضة صحيحة وأما ما ذكروا عن ابن عمر رضي الله عنهما من فعله الذي استدلوا به على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفرقة فإن ذلك قد يحتمل عندنا ما قالوا ويحتمل غير ذلك قد يجوز أن يكون بن عمر رضي الله عنهما أشكلت عليه تلك الفرقة التي سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ما هي فاحتملت عنده الفرقة بالأبدان على ما ذكره أهل هذه المقالة واحتملت عنده الفرقة بالأبدان على ما ذكره أهل هذه المقالة التي ذهب إليها عيسى واحتملت عنده الفرقة بالأقوال على ما ذهب إليه الآخرون ولم يحضره دليل يدله أنه بأحدها أولى منه مما سواه منها ففارق بايعه ببدنه احتياطا ويحتمل أيضا أن يكون فعل ذلك لان بعض الناس يرى أن البيع لا يتم إلا بذلك وهو يرى أن البيع يتم بغيره فأراد أن يتم البيع في قوله وقول مخالفه حتى لا يكون لبائعه نقض البيع عليه في قوله ولا في قول مخالفه
(١٥)