قال أبو جعفر فليس في ذلك دليل على أنه كان لا يتجاوز ذلك إلى غيره لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحك عنه أنه قال لا يقرأ في صلاة الغداة يوم الجمعة مع فاتحة الكتاب غير هاتين السورتين حتى لا يجوز خلاف ذلك ولكن إنما أخبر من رواهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بهما فيهما كما أخبر النعمان وابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بما ذكرنا ثم قد جاء عن غيرهما أنه قرأ بخلاف ذلك لأنه قرأ بهذا مرة وبهذا مرة فكذلك ما حكى عنه من القراءة في صلاة الصبح يوم الجمعة يحتمل أن يكون قرأ به مرة أو قرأ به مرارا ثم قرأ بغيره فيحكي كل من حضره ما سمع من قراءته وليس في ذلك دليل على حكم التوقيت وجميع ما ذهبنا إليه في هذا الباب قول أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى باب صلاة المسافر حدثنا فهد قال ثنا الحسن بن بشر قال ثنا المعافى بن عمران عن مغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها قالت قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأتم قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن المسافر بالخيار إن شاء أتم صلاته وإن شاء قصرها واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وبما حدثنا أبو بكرة قال ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن جريج قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار يحدث عن عبد الله بن باباه عن يعلى بن مينة قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما قال الله عز وجل (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) فقد أمن الناس فقال إني عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا لا ينبغي أن يزيد على اثنتين وإن أتم الصلاة فإن كان قعد في اثنتين في الظهر والعصر والعشاء قدر التشهد فصلاته تامة وإن كان لم يقعد فيها قدر التشهد فصلاته باطلة وكان من الحجة له على أهل المقالة الأولى فيما احتجوا به عليهم من الحديثين اللذين ذكرناهما في أول هذا الباب أن بن أبي داود حدثنا قال ثنا أبو عمر الحوضي قال ثنا مرجا بن رجاء قال ثنا داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب فإنها وتر النهار وصلاة الصبح لطولها قراءتها وكان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى
(٤١٥)