فاسدا وإن كان المصلى قد خرج منها إليه فثبت بذلك أن الصلاة تتم بغير تسليم وأن التسليم من سننها لا من صلبها فكان تصحيح معاني الآثار في هذا الباب يوجب ما ذهب إليه الذين قالوا لا تتم الصلاة حتى يقعد مقدار التشهد لان حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد احتمل ما ذكرنا واختلف في حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما وصفنا وأما حديث بن مسعود فهو الذي لم يختلف فيه وأما وجه ذلك من طريق النظر فإن الذين قالوا إنه إذا رفع رأسه من آخر سجدة من صلاته فقد تمت صلاته قالوا رأينا هذا القعود قعود التشهد وفيه ذكر يتشهد به وتسليم يخرج به من الصلاة وقد رأينا قبله في الصلاة قعودا فيه ذكر يتشهد به فكل قد أجمع أن ذلك القعود الأول وما فيه من الذكر ليس هو من صلب الصلاة بل هو من سننها واختلف في القعود الأخير فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كالقعود الأول ويكون ما فيه كما في القعود الأول فيكون سنة وكل ما يفعل فيه سنة كما كان القعود الأول سنة وكل ما يفعل فيه سنة وقد رأينا القيام الذي في كل الصلاة والركوع والسجود الذي فيها أيضا كله كذلك فالنظر على ما ذكرنا أن يكون القعود فيها أيضا كله كذلك فلما كان بعضه باتفاقهم سنة كان ما بقي منه كذلك أيضا في النظر واحتج عليهم الآخرون فقالوا قد رأينا القعود الأول من قام عنه ساهيا فاستتم قائما أمر بالمضي في قيامه ولم يؤمر بالرجوع إلى القعود وقد رأينا من قام من القعود الآخر ساهيا حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى قعوده قالوا فما يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فهو الفرض ومالا يؤمر بالرجوع إليه بعد القيام عنه فليس ذلك بفرض ألا ترى أن من قام وعليه سجدة من صلاته حتى استتم قائما أمر بالرجوع إلى ما قام عنه لأنه قام فترك فرضا فأمر بالعود إليه وكذلك القعود الأخير لما أمر الذي قام عنه بالرجوع إليه كان ذلك دليلا أنه فرض ولو كان غير فرض إذا لما أمر بالرجوع إليه كما لم يؤمر بالرجوع إلى القعود الأول فكان من الحجة عليهم الآخرين انه إنما أمر الذي قام من القعود الأول حتى استتم قائما بالمضي في قيامه وأن لا يرجع إلى قعوده لأنه قام من قعود غير فرض فدخل في قيام فرض فلم يؤمر بترك الفرض والرجوع إلى غير الفرض وأمر بالتمادي على الفرض حتى يتمه.
فكان لو قام عن القعود الأول فلم يستتم قائما أمر بالعود إلى القعود لأنه ما لم يستتم قائما فلم يدخل في فرض فأمر بالعود مما ليس بسنة ولا فرض إلى القعود الذي هو سنة وكان يؤمر بالعود مما ليس بسنة ولا فريضة إلى ما هو سنة ويؤمر بالعود من السنة إلى ما هو فريضة وكان الذي قام من القعود الأخير حتى استتم قائما داخلا لا في سنة ولا في فريضة وقد قام من قعود هو سنة فأمر بالعود إليه وترك التمادي فيما ليس بسنة ولا فريضة كما أمر الذي قام من القعود الأول الذي هو سنة فلم يستتم قائما فيدخل في الفريضة أن يرجع من ذلك