فثبت بذلك أن ما كان من ندائه قبل طلوع الفجر مما كان مباحا له هو لغير الصلاة وأن ما أنكره عليه إذ فعله قبل الفجر كان للصلاة وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا عن حفصة رضي الله عنها ما حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن حفصة رضي الله عنها بنت عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن بالفجر قام فصلى ركعتي الفجر ثم خرج إلى المسجد وحرم الطعام وكان لا يؤذن حتى يصبح فهذا بن عمر رضي الله عنهما يخبر عن حفصة رضي الله عنها أنهم كانوا لا يؤذنون للصلاة إلا بعد طلوع الفجر وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أيضا بلالا أن يرجع فينادي ألا إن العبد قد نام يدل على أن عادتهم أنهم كانوا لا يعرفون أذانا قبل الفجر ولو كانوا يعرفون ذلك أذانا لما احتاجوا إلى هذا النداء وأراد به عندنا والله أعلم بذلك النداء إنما هو ليعلمهم أنهم في ليل بعد حتى يصلى من آثر منهم أن يصلي ولا يمسك عما يمسك عنه الصائم وقد يحتمل أن يكون بلال كان يؤذن في وقت كان يرى أن الفجر قد طلع فيه ولا يتحقق ذلك لضعف بصره والدليل على ذلك ما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن إشكاب ح وحدثنا فهد قال ثنا شهاب بن عباد العبدي قال ثنا محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم أذان بلال فان في بصره شيئا فدل ذلك على أن بلالا كان يريد الفجر فيخطيه لضعف بصره فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعملوا على أذانه إذ كان من عاداته الخطأ لضعف بصره وقد حدثنا الربيع بن سليمان الجيزي قال ثنا أبو الأسود قال ثنا ابن لهيعة عن سالم عن سليمان عن ابن عثمان أنه حدثه عن عدي بن حاتم عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال إنك تؤذن إذا كان الفجر ساطعا وليس ذلك الصبح إنما الصبح هكذا معترضا فأخبره في هذا الأثر أنه كان يؤذن بطلوع ما يرى أنه الفجر وليس هو في الحقيقة بفجر وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادى بن أم مكتوم قالت ولم يكن بينهما إلا مقدار ما يصعد هذا وينزل هذا فلما كان بين أذانهما من القرب ما ذكرنا ثبت أنهما كانا يقصدان وقتا واحدا وهو طلوع الفجر فيخطيه بلال لما يبصره ويصيبه بن أم مكتوم لأنه لم يكن يفعله حتى يقول له الجماعة أصبحت أصبحت ثم قد روى عن عائشة رضي الله عنها من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن
(١٤٠)