وأخذوها من غير حق (فأداها) أي الألف ذلك الفلان (إليهم) أي إلى الأيتام (فأدركت لهم) أي للأيتام، والقائل يوسف بن ماهك (قال قلت) أي لذلك الفلان (قال لا) أي لا أقبض (أد الأمانة الخ) حاصله أن الأمانة لا تخان أبدا لأن صاحبها إما أمين أو خائن، وعلى التقديرين لا تخان، وبه قال قوم، وجوز آخرون فيما هو من جنس ماله أن يأخذ منه حقه بأن كان له على آخر دراهم فوقع عنده له دراهم يجوز له أن يأخذ حقه لا إذا وقع عنده دنانير. ونقل عن الشافعي أنه قال:
قد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجة أبى سفيان حين اشتكت إليه أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف، فكذا الرجل يكون له على آخر حق فيمنع إياه فله أن يأخذ من ماله حيث وجده بوزنه أو كيله أو بالقيمة، حتى يجوز أن يبيع ويستوفي حقه من ثمنه. وحديث أد الأمانة إن ثبت لم يكن الخيانة ما أذن بأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما الخيانة إذا أخذ بعد استيفاء دراهمه، كذا في فتح الودود ومرقاة الصعود.
قال المنذري: فيه رواية مجهول.
(أخبرنا طلق) بفتح فسكون (ابن غنام) بفتح المعجمة والنون. قال المزي في الأطراف: شريك بن عبد الله عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة حديث (أد الأمانة) أخرجه أبو داود في البيوع عن أبي كريب محمد بن العلاء وأحمد بن إبراهيم كلاهما عن طلق بن غنام عن شريك وقيس بن الربيع كلاهما عن أبي حصين به، ولم يذكر أحمد قيس بن الربيع انتهى.
(ولا تخن من خانك) قال في النيل ما محصله: فيه دليل على أنه لا يجوز مكافأة الخائن بمثل فعله، فيكون مخصصا لعموم قوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) وقوله: (فمن اعتدى عليكم) الآية، ولكن الخيانة إنما تكون في الأمانة كما يشعر بذلك كلام القاموس، فلا يصح الاستدلال بهذا الحديث على أنه لا يجوز لمن تعذر عليه استيفاء حقه