المرهون فيباح حينئذ للمرتهن الإنفاق على الحيوان حفظا لحياته وبقاء المالية فيه وجعل له في مقابلة نفقته الانتفاع بالركوب أو بشرب اللبن بشرط اللبن أن لا يزيد قدر ذلك أو قيمته على قدر علفه وهي من جملة مسائل الظفر. انتهى ما في فتح الباري.
ويجاب عن دعوى مخالفة هذا الحديث الصحيح للأصول بأن السنة الصحيحة من جملة الأصول فلا ترد إلا بمعارض أرجح منها بعد تعذر الجمع. وعن حديث ابن عمر الذي عند البخاري في أبواب المظالم بأنه عام وحديث الباب خاص فيبنى العام على الخاص. قال في النيل: وأجود ما يحتج به للجمهور حديث أبي هريرة ((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه)) لأن الشارع قد جعل الغنم والغرم للراهن، ولكنه قد اختلف في وصله وإرساله ورفعه ووقفه، وذلك مما يوجب عدم انتهاضه لمعارضة ما في صحيح البخاري وغيره انتهى.
قلت: أخرج الشافعي والدارقطني وقال: هذا إسناد حسن متصل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه)) وأخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وابن حبان في صحيحه وأخرجه أيضا ابن ماجة من طريق أخرى. وصحح أبو داود والبزار والدارقطني وابن القطان إرساله عن سعيد بن المسيب بدون ذكر أبي هريرة.
قال الحافظ في التلخيص: وله طرق في الدارقطني والبيهقي كلها ضعيفة. وقال في بلوغ المرام إن رجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله انتهى. وساقه ابن حزم بإسناده إلى الزهري عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغلق الرهن الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه)) قال ابن حزم: هذا إسناد حسن. وتعقبه الحافظ بأن قوله في السند نصر بن عاصم تصحيف وإنما هو عبد الله بن نصر الأصم الأنطاكي وله أحاديث منكرة. وقد رواه الدارقطني من طريق عبد الله بن نصر المذكور وصحح هذه الطريق عبد الحق وصحح أيضا وصله ابن عبد البر وقال هذه اللفظة يعني له غنمه وعليه غرمه اختلفت الرواة في رفعها ووقفها فرفعها ابن أبي ذئب ومعمر وغيرهما. ووقفها غيرهم. وقد روى ابن وهب هذا الحديث فجوده وبين أن هذه اللفظة من قول سعيد بن المسيب.
وقال أبو داود في المراسيل: قوله: ((له غنمه وعليه غرمه)) من كلام سعيد بن المسيب نقله عنه الزهري. وقال الأزهري: الغلق في الرهن ضد الفك فإذا فك الراهن الرهن فقد أطلقه